كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

2 فَدَيْته بِجَمِيعِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَأَنْتَ مُتَطَوِّعٌ وَالْعَبْدُ مَرْهُونٌ بِحَالِهِ , وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ لَمْ تُجْبَرْ عَلَى أَنْ تَفْدِيَهُ وَبِيعَ الْعَبْدُ فِي جِنَايَتِهِ , وَكَانَتْ الْجِنَايَةُ أَوْلَى بِهِ مِنْ الرَّهْنِ كَمَا تَكُونُ الْجِنَايَةُ أَوْلَى بِهِ مِنْ مِلْكِك فَالرَّهْنُ أَضْعَفُ مِنْ مِلْكِك ; لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ فِيهِ شَيْءٌ بِالرَّهْنِ بِمِلْكِك فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ لاَ تَبْلُغُ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ , وَلَمْ يَتَطَوَّعْ مَالِكُهُ بِأَنْ يَفْدِيَهُ لَمْ يُجْبَرْ سَيِّدُهُ , وَلاَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى أَنْ يُبَاعَ مِنْهُ إلَّا بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ وَيَكُونُ مَا بَقِيَ مِنْهُ مَرْهُونًا , وَلاَ يُبَاعُ كُلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الْجِنَايَةُ تُحِيطُ بِقِيمَتِهِ إلَّا بِاجْتِمَاعِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ عَلَى بَيْعِهِ فَإِذَا اجْتَمَعَا عَلَى بَيْعِهِ بِيعَ فَأُدِّيَتْ الْجِنَايَةُ وَخُيِّرَ مَالِكُهُ بَيْنَ أَنْ يَجْعَلَ مَا بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهِ قِصَاصًا مِنْ الْحَقِّ عَلَيْهِ أَوْ يَدَعَهُ رَهْنًا مَكَانَ الْعَبْدِ ; لِأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ , وَلاَ يَكُونُ تَسْلِيمُ الْمُرْتَهِنِ بَيْعَ الْعَبْدِ الْجَانِي كُلِّهِ , وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ كَبِيرٌ عَنْ الْجِنَايَةِ فَسْخًا مِنْهُ لِرَهْنِهِ , وَلاَ يَنْفَسِخُ فِيهِ الرَّهْنُ إلَّا بِأَنْ يَبْطُلَ حَقُّهُ فِيهِ أَوْ يَبْرَأَ الرَّاهِنُ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي بِهِ الرَّهْنُ , وَلاَ أَحْسَبُ أَحَدًا يَعْقِلُ يَخْتَارُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ عَبْدِهِ رَهْنًا غَيْرَ مَضْمُونٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ قِصَاصًا مِنْ دَيْنِهِ وَتَبْرَأُ ذِمَّتُهُ مِمَّا قَبَضَ مِنْهُ . وَإِذَا اخْتَارَ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا لَمْ يَكُنْ لِلْمُرْتَهِنِ الِانْتِفَاعُ بِثَمَنِهِ , وَإِنْ أَرَادَ الرَّاهِنُ قَبْضَهُ ; لِيَنْتَفِعَ بِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ , وَلَيْسَ الْمَنْفَعَةُ بِالثَّمَنِ الَّذِي هُوَ دَنَانِيرُ وَدَرَاهِمُ كَالْمَنْفَعَةِ بِالْعَبْدِ الَّذِي هُوَ عَيْنٌ لَوْ بَاعَهُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ وَرُدَّ بِحَالِهِ , وَإِذَا بِيعَ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ فِي الْجِنَايَةِ أَوْ بَعْضُهُ لَمْ يُكَلَّفْ الرَّاهِنُ أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهُ رَهْنًا ; لِأَنَّهُ بِيعَ بِحَقٍّ لَزِمَهُ لاَ إتْلاَفٍ مِنْهُ هُوَ لَهُ , وَإِنْ أَرَادَ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَفْدِيَهُ بِالْجِنَايَةِ قِيلَ لَهُ إنْ فَعَلْت فَأَنْتَ مُتَطَوِّعٌ , وَلَيْسَ لَك الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى مَالِكِ الْعَبْدِ وَالْعَبْدُ رَهْنٌ بِحَالِهِ , وَإِنْ فَدَاهُ بِأَمْرِ سَيِّدِهِ وَضَمِنَ لَهُ : مَا فَدَاهُ بِهِ رَجَعَ بِمَا فَدَاهُ بِهِ عَلَى سَيِّدِهِ , وَلَمْ يَكُنْ رَهْنًا إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ لَهُ رَهْنًا بِهِ فَيَكُونُ رَهْنًا بِهِ مَعَ الْحَقِّ الْأَوَّلِ . ( قَالَ الرَّبِيعُ ) : مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَنْفَسِخَ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ فَيَجْعَلَهُ رَهْنًا بِمَا كَانَ مَرْهُونًا وَبِمَا فَدَاهُ بِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِنْ كَانَتْ جِنَايَةُ الْعَبْدِ الرَّهْنِ عَمْدًا فَأَرَادَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيُّهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ فَذَلِكَ لَهُ , وَلاَ يَمْنَعُ الرَّهْنُ حَقًّا عَلَيْهِ فِي عُنُقِهِ , وَلاَ فِي بَدَنِهِ , وَلَوْ كَانَ جَنَى قَبْلَ أَنْ يَرْهَنَ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ كَمَا@

الصفحة 370