كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

الرَّهْنُ الصَّغِيرُ. (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ) قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ رحمه الله قَالَ أَصْلُ إجَازَةِ الرَّهْنِ فِي كِتَابِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَالسُّنَّةُ تَدُلُّ عَلَى إجَازَةِ الرَّهْنِ وَلاَ أَعْلَمُ مُخَالِفًا فِي إجَازَتِهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ {لاَ يَغْلَقُ الرَّهْنُ الرَّهْنَ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ}.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَالْحَدِيثُ جُمْلَةٌ عَلَى الرَّهْنِ , وَلَمْ يَخُصَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا بَلَغْنَا رَهْنًا دُونَ رَهْنٍ وَاسْمُ الرَّهْنِ يَقَعُ عَلَى مَا ظَهَرَ هَلاَكُهُ وَخَفِيَ وَمَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - {لاَ يَغْلَقُ الرَّهْنُ بِشَيْءٍ} أَيْ إنْ ذَهَبَ لَمْ يَذْهَبْ بِشَيْءٍ , وَإِنْ أَرَادَ صَاحِبُهُ افْتِكَاكَهُ , وَلاَ يَغْلَقُ فِي يَدَيْ الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ كَأَنْ يَقُولَ الْمُرْتَهِنُ قَدْ أَوْصَلْته إلَيَّ فَهُوَ لِي بِمَا أَعْطَيْتُك فِيهِ , وَلاَ يُغَيِّرُ ذَلِكَ مِنْ شَرْطٍ تَشَارَطَا فِيهِ , وَلاَ غَيْرِهِ , وَالرَّهْنُ لِلرَّاهِنِ أَبَدًا حَتَّى يُخْرِجَهُ مِنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ يَصِحُّ إخْرَاجُهُ لَهُ. وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - {الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ} ثُمَّ بَيَّنَهُ وَأَكَّدَهُ فَقَالَ {لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ}.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَغُنْمُهُ سَلاَمَتُهُ وَزِيَادَتُهُ وَغُرْمُهُ عَطَبُهُ وَنَقْصُهُ ..
قال: وَلَوْ كَانَ إذَا رَهَنَ رَهْنًا بِدِرْهَمٍ وَهُوَ يَسْوَى دِرْهَمًا فَهَلَكَ ذَهَبُ الدِّرْهَمِ فَلَمْ يَلْزَمْ الرَّاهِنَ كَانَ إنَّمَا هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُرْتَهِنِ لاَ مَالِ الرَّاهِنِ ; لِأَنَّ الرَّاهِنَ قَدْ أَخَذَ دِرْهَمًا @

الصفحة 383