كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

قَوْلٍ رَوَيْته عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ , وَقَدْ رُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ خِلاَفُهُ وَإِبْرَاهِيمُ لَوْ لَمْ تَخْتَلِفْ الرِّوَايَةُ عَنْهُ فِيمَا زَعَمْت لاَ يَلْزَمُ قَوْلُهُ . وَقُلْتَ قَوْلاً مُتَنَاقِضًا خَارِجًا عَنْ أَقَاوِيلِ النَّاسِ , وَلَيْسَ لِلنَّاسِ فِيهِ قَوْلٌ إلَّا , وَلَهُ وَجْهٌ , وَإِنْ ضَعُفَ إلَّا قَوْلُكُمْ فَإِنَّهُ لاَ وَجْهَ لَهُ يَقْوَى , وَلاَ يَضْعُفُ ثُمَّ لاَ تَمْتَنِعُونَ مِنْ تَضْعِيفِ مَنْ خَالَفَ قَوْلَ مَنْ قَالَ يَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ أَنْ يَقُولَ لَمْ يَدْفَعْهُ أَمَانَةً , وَلاَ بَيْعًا , وَإِنَّمَا دَفَعَهُ مُحْتَبِسًا بِشَيْءٍ فَإِنْ هَلَكَ تَرَادَّا فَضْلَهُ وَهَكَذَا كُلُّ مَضْمُونٍ بِعَيْنِهِ إذَا هَلَكَ ضَمِنَ مَنْ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَهَذَا ضَعِيفٌ إذْ كَيْفَ يَتَرَادَّانِ فَضْلَهُ وَهُوَ إنْ كَانَ كَالْبَيْعِ فَهُوَ بِمَا فِيهِ , وَإِنْ كَانَ مُحْتَبَسًا بِحَقٍّ فَمَا مَعْنَى أَنَّهُ مَضْمُونٌ وَهُوَ لاَ غَصْبَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ , وَلاَ عُدْوَانَ عَلَيْهِ فِي حَبْسِهِ وَهُوَ يُبِيحُ لَهُ حَبْسَهُ ؟ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَوَجْهُ قَوْلِ مَنْ قَالَ : الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ أَنْ يَقُولَ قَدْ رَضِيَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ فِي الرَّهْنِ فَإِذَا هَلَكَ هَلَكَ بِمَا فِيهِ ; لِأَنَّهُ كَالْبَدَلِ مِنْ الْحَقِّ وَهَذَا ضَعِيفٌ , وَمَا لَمْ يَتَرَاضَيَا تَبَيَّنَ مِلْكُ الرَّاهِنِ عَلَى الرَّهْنِ إلَى أَنْ يَمْلِكَهُ الْمُرْتَهِنُ , وَلَوْ مَلَكَهُ لَمْ يَرْجِعْ إلَى الرَّاهِنِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَالسُّنَّةُ ثَابِتَةٌ عِنْدَنَا - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِهَا - قُلْنَا , وَلَيْسَ مَعَ السُّنَّةِ حُجَّةٌ , وَلاَ فِيهَا إلَّا اتِّبَاعُهَا مَعَ أَنَّهَا أَصَحُّ الْأَقَاوِيلِ مُبْتَدَأً وَمَخْرَجًا ..
قال : وَقِيلَ لِبَعْضِ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ الَّذِي حَكَيْنَا : أَنْتَ أَخْطَأَتْ بِخِلاَفِ السُّنَّةِ وَأَخْطَأَتْ بِخِلاَفِك مَا قُلْت . قَالَ : وَأَيْنَ خَالَفْتُ مَا قُلْتُ ؟ قُلْت عِبْتَ عَلَيْنَا أَنْ زَعَمْنَا أَنَّهُ أَمَانَةٌ وَحُجَّتُنَا فِيهِ مَا ذَكَرْنَا وَغَيْرُهَا مِمَّا فِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ مِنْهُ فَكَيْفَ عِبْتَ قَوْلاً قُلْتَ بِبَعْضِهِ ؟ . قَالَ لِي وَأَيْنَ ؟ قُلْتُ : زَعَمْتَ أَنَّ الرَّهْنَ مَضْمُونٌ . قَالَ نَعَمْ قُلْنَا : فَهَلْ رَأَيْت مَضْمُونًا قَطُّ بِعَيْنِهِ فَهَلَكَ إلَّا أَدَّى الَّذِي ضَمَنَهُ قِيمَتَهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ ؟ قَالَ لاَ غَيْرَ الرَّهْنِ قُلْنَا فَالرَّهْنُ إذًا كَانَ عِنْدَك مَضْمُونًا لَمْ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا إذَا كَانَ يَسْوَى أَلْفًا وَهُوَ رَهْنٌ بِمِائَةٍ ؟ ؟ . لِمَ لَمْ يَضْمَنْ الْمُرْتَهِنُ تِسْعَمِائَةٍ لَوْ كَانَ مَضْمُونًا كَمَا@

الصفحة 392