كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

ذَكَرْتَ . قَالَ هُوَ فِي الْفَضْلِ أَمِينٌ . قُلْنَا : وَمَعْنَى الْفَضْلِ غَيْرُ مَعْنَى غَيْرِهِ ؟ قَالَ نَعَمْ ; لِأَنَّ الْفَضْلَ لَيْسَ بِرَهْنٍ ؟ قَالَ إنْ قُلْتُ لَيْسَ بِرَهْنٍ . قُلْتُ أَفَيَأْخُذُهُ مَالِكُهُ . قَالَ : فَلَيْسَ لِمَالِكِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ حَتَّى يُؤَدَّى مَا فِيهِ قُلْنَا لِمَ ؟ قَالَ ; لِأَنَّهُ رَهْنٌ قُلْنَا فَهُوَ رَهْنٌ وَاحِدٌ مُحْتَبَسٌ بِحَقٍّ وَاحِدٍ بَعْضُهُ مَضْمُونٌ وَبَعْضُهُ أَمَانَةٌ . قَالَ : نَعَمْ . قُلْنَا : أَفَتَقْبَلُ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ مِمَّنْ يُخَالِفُك فَلَوْ قَالَ هَذَا غَيْرُك ضَعَّفْته تَضْعِيفًا شَدِيدًا فِيمَا تَرَى , وَقُلْت وَكَيْفَ يَكُونُ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ مَدْفُوعًا بِالْأَمْرِ الْوَاحِدِ بَعْضُهُ أَمَانَةٌ وَبَعْضُهُ مَضْمُونٌ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَقُلْنَا أَرَأَيْت جَارِيَةً تَسْوَى أَلْفًا رُهِنَتْ بِمِائَةٍ وَأَلْفِ دِرْهَمٍ رُهِنَتْ بِمِائَةٍ أَلَيْسَتْ الْجَارِيَةُ بِكَمَالِهَا رَهْنًا بِمِائَةٍ وَالْأَلْفُ الدِّرْهَمُ رَهْنٌ بِكَمَالِهَا بِمِائَةٍ ؟ قَالَ بَلَى قُلْنَا الْكُلُّ مَرْهُونٌ مِنْهُمَا لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ , وَلاَ إدْخَالُ أَحَدٍ بِرَهْنٍ مَعَهُ فِيهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْكُلَّ مَرْهُونٌ بِالْمِائَةِ مَدْفُوعٌ دَفْعًا وَاحِدًا بِحَقٍّ وَاحِدٍ فَلاَ يَخْلُصُ بَعْضُهُ دُونَ بَعْضٍ قَالَ نَعَمْ قُلْنَا وَعُشْرُ الْجَارِيَةِ مَضْمُونٌ وَتِسْعَةُ أَعْشَارِهَا أَمَانَةٌ وَمِائَةٌ مَضْمُونٌ وَتِسْعُمِائَةٍ أَمَانَةٌ ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْنَا فَأَيَّ شَيْءٍ عِبْتَ مِنْ قَوْلِنَا لَيْسَ بِمَضْمُونٍ وَهَذَا أَنْتَ تَقُولُ فِي أَكْثَرِهِ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ ؟ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَقِيلَ لَهُ إذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ دُفِعَتْ خَارِجًا تِسْعَةُ أَعْشَارِهَا مِنْ الضَّمَانِ وَالْأَلْفُ كَذَلِكَ فَمَا تَقُولُ إنْ نَقَصَتْ الْجَارِيَةُ فِي ثَمَنِهَا حَتَّى تَصِيرَ تَسْوَى مِائَةً ؟ قَالَ الْجَارِيَةُ كُلُّهَا مَضْمُونَةٌ قِيلَ فَإِنْ زَادَتْ بَعْدَ النُّقْصَانِ حَتَّى صَارَتْ تَسْوَى أَلْفَيْنِ ؟ قَالَ تُخْرَجُ الزِّيَادَةُ مِنْ الضَّمَانِ وَيَصِيرُ نِصْفُ عُشْرِهَا مَضْمُونًا وَتِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ عِشْرِينَ سَهْمًا غَيْرَ مَضْمُونٍ قُلْنَا ثُمَّ هَكَذَا إنْ نَقَصَتْ أَيْضًا حَتَّى صَارَتْ تَسْوَى مِائَةً ؟ قَالَ نَعَمْ تَعُودُ كُلُّهَا مَضْمُونَةً قَالَ : وَهَكَذَا جَوَارٍ وَلَوْ رُهِنَّ يَسْوِينَ عَشَرَةَ آلاَفٍ بِأَلْفٍ كَانَتْ تِسْعَةُ أَعْشَارِهِنَّ خَارِجَةً مِنْ الرَّهْنِ بِضَمَانٍ وَعُشْرٌ مَضْمُونٌ عِنْدَهُ . فَقُلْت لِبَعْضِهِمْ لَوْ قَالَ هَذَا غَيْرُكُمْ كُنْتُمْ شَبِيهًا أَنْ تَقُولُوا مَا يَحِلُّ لَك أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي الْفُتْيَا وَأَنْتَ لاَ تَدْرِي مَا تَقُولُ كَيْفَ يَكُونُ رَهْنٌ وَاحِدٌ بِحَقٍّ وَاحِدٍ بَعْضُهُ أَمَانَةٌ وَبَعْضُهُ مَضْمُونٌ ثُمَّ يَزِيدُ فَيَخْرُجُ مَا كَانَ مَضْمُونًا مِنْهُ مِنْ الضَّمَانِ ; لِأَنَّهُ إنْ دَفَعَ عِنْدَكُمْ بِمِائَةٍ وَهُوَ يَسْوَى مِائَةً كَانَ مَضْمُونًا كُلَّهُ , وَإِنْ زَادَ خَرَجَ بَعْضُهُ مِنْ الضَّمَانِ ثُمَّ إنْ نَقَصَ عَادَ@

الصفحة 393