كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

رَهْنُ الْمَشَاعِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله : لاَ بَأْسَ بِأَنْ يَرْهَنَ الرَّجُلُ نِصْفَ أَرْضِهِ وَنِصْفَ دَارِهِ وَسَهْمًا مِنْ أَسْهُمٍ مِنْ ذَلِكَ مَشَاعًا غَيْرَ مَقْسُومٍ إذَا كَانَ الْكُلُّ مَعْلُومًا , وَكَانَ مَا رَهَنَ مِنْهُ مَعْلُومًا , وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْبُيُوعِ , وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لاَ يَجُوزُ الرَّهْنُ إلَّا مَقْبُوضًا مَقْسُومًا لاَ يُخَالِطُهُ غَيْرُهُ وَأَحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - { فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ }
قَالَ الشَّافِعِيُّ : قُلْنَا فَلِمَ لَمْ يَجُزْ الرَّهْنُ إلَّا مَقْبُوضًا مَقْسُومًا , وَقَدْ يَكُونُ مَقْبُوضًا وَهُوَ مَشَاعٌ غَيْرُ مَقْسُومٍ ؟ قَالَ قَائِلٌ فَكَيْفَ يَكُونُ مَقْبُوضًا وَأَنْتَ لاَ تَدْرِي أَيُّ النَّاحِيَتَيْنِ هُوَ ؟ , وَكَيْفَ يَكُونُ مَقْبُوضًا فِي الْعَبْدِ وَهُوَ لاَ يَتَبَعَّضُ ؟ . فَقُلْت كَانَ الْقَبْضُ إذَا كَانَ اسْمًا وَاحِدًا لاَ يَقَعُ عِنْدَك إلَّا بِمَعْنًى وَاحِدٍ , وَقَدْ يَقَعُ عَلَى مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ قَالَ بَلْ هُوَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ قُلْت أَوَمَا تُقْبَضُ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ وَمَا صَغَرَ بِالْيَدِ ؟ وَتُقْبَضُ الدُّورُ بِدَفْعِ الْمَفَاتِيحِ وَالْأَرْضُ بِالتَّسْلِيمِ ؟ قَالَ بَلَى فَقُلْت فَهَذَا مُخْتَلِفٌ قَالَ يَجْمَعُهُ كُلَّهُ أَنَّهُ مُنْفَصِلٌ لاَ يُخَالِطُهُ شَيْءٌ قُلْت فَقَدْ تَرَكْت الْقَوْلَ الْأَوَّلَ , وَقُلْت آخَرَ وَسَتَتْرُكُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - . وَقُلْت فَكَأَنَّ الْقَبْضَ عِنْدَك لاَ يَقَعُ أَبَدًا إلَّا عَلَى مُنْفَصِلٍ لاَ يُخَالِطُهُ شَيْءٌ قَالَ نَعَمْ قُلْت فَمَا تَقُولُ فِي نِصْفِ دَارٍ وَنِصْفِ أَرْضٍ وَنِصْفِ عَبْدٍ وَنِصْفِ سَيْفٍ اشْتَرَيْته مِنْك بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ؟ قَالَ جَائِزٌ قُلْت , وَلَيْسَ عَلَيَّ دَفْعُ الثَّمَنِ حَتَّى تَدْفَعَ إلَى مَا اشْتَرَيْت فَأَقْبِضُهُ ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت فَإِنِّي لَمَّا اشْتَرَيْت أَرَدْت نَقْضَ الْبَيْعِ فَقُلْت بَاعَنِي نِصْفَ دَارٍ مَشَاعًا لاَ أَدْرِي أَشَرْقِيَّ الدَّارِ يَقَعُ أَمْ غَرْبِيَّهَا وَنِصْفُ عَبْدٍ لاَ يَنْفَصِلُ أَبَدًا , وَلاَ يَنْقَسِمُ وَأَنْتَ لاَ تُجِيزُنِي عَلَى قَسْمِهِ ; لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا فَأَنَا أَفْسَخُ الْبَيْعَ بَيْنِي وَبَيْنَك . قَالَ : لَيْسَ ذَلِكَ لَك , وَقَبْضُ نِصْفِ الدَّارِ وَنِصْفِ الْأَرْضِ وَنِصْفِ الْعَبْدِ وَنِصْفِ السَّيْفِ أَنْ يُسَلِّمَهُ , وَلاَ يَكُونُ دُونَهُ حَائِلٌ قُلْت أَنْتَ لاَ تُجِيزُ الْبَيْعَ إلَّا مَعْلُومًا وَهَذَا غَيْرُ مَعْلُومٍ قَالَ هُوَ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا بِعَيْنِهِ مُنْفَصِلاً فَالْكُلُّ مَعْلُومٌ وَنَصِيبُك مِنْ الْكُلِّ مَحْسُوبٌ قُلْت : وَإِنْ كَانَ مَحْسُوبًا فَإِنِّي لاَ أَدْرِي أَيْنَ يَقَعُ قَالَ : أَنْتَ شَرِيكٌ فِي الْكُلِّ قُلْت : فَهُوَ غَيْرُ مَقْبُوضٍ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُنْفَصِلٍ وَأَنْتَ@

الصفحة 395