كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)
إنْ شَاءَ فَإِنْ فَاتَ فَفِيهَا قَوْلاَنِ . أَحَدُهُمَا : يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مَا بَلَغَتْ فِيهِ فَيُؤَدِّي إلَى ذِي الْحَقِّ حَقَّهُ وَيَكُونُ لِمَالِكِ الرَّهْنِ فَضْلُهَا . وَالْقَوْلُ الْآخَرُ : يَضْمَنُ مَا حَطَّ مِمَّا لاَ يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ ; لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ جَازَ الْبَيْعُ فَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا كَانَ لاَ يَجُوزُ لَهُ بِحَالٍ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَحَدُّ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ يَتَفَاوَتُ تَفَاوُتًا شَدِيدًا فِيمَا يَرْتَفِعُ وَيَنْخَفِضُ وَيَخُصُّ وَيَعُمُّ فَيُدْعَى رَجُلاَنِ عَدْلاَنِ مِنْ أَهْلِ الْبَصَرِ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ فَقَالَ أَيَتَغَابَنُ أَهْلُ الْبَصَرِ بِالْبَيْعِ فِي الْبَيْعِ بِمِثْلِ هَذَا ؟ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ جَازَ , وَإِنْ قَالُوا : لاَ . رَدَّ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ , وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ فِيهِ مَا وَصَفْت .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلاَ يُلْتَفَتُ إلَى مَا يَتَغَابَنُ بِهِ غَيْرُ أَهْلِ الْبَصَرِ , وَإِلَى تَرْكِ التَّوْقِيتِ فِيمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ رَجَعَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَخَالَفَهُ صَاحِبُهُ , وَكَانَ صَاحِبُهُ يَقُولُ حَدُّ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ الْعَشَرَةُ ثَلاَثَةٌ فَإِنْ جَاوَزَ ثَلاَثَةً لَمْ يَتَغَابَنْ أَهْلُ الْبَصَرِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثَةٍ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَأَهْلُ الْبَصَرِ بِالْجَوْهَرِ وَالْوَشْيِ وَعَلَيْهِ الرَّقِيقُ يَتَغَابَنُونَ بِالدِّرْهَمِ ثَلاَثَةً وَأَكْثَرَ , وَلاَ يَتَغَابَنُ أَهْلُ الْبَصَرِ بِالْحِنْطَةِ وَالزَّيْتِ وَالسَّمْنِ وَالتَّمْرِ فِي كُلِّ خَمْسِينَ بِدِرْهَمٍ وَذَلِكَ لِظُهُورِهِ وَعُمُومِ الْبَصَرِ بِهِ مَعَ اخْتِلاَفِ مَا يَدِقُّ وَظُهُورِ مَا يَجِلُّ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِنْ بَاعَ الْمَوْضُوعُ عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنُ فَهَلَكَ الثَّمَنُ مِنْهُ فَهُوَ أَمِينٌ وَالدَّيْنُ عَلَى الرَّاهِنِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِنْ اخْتَلَفَ مَالِكُ الرَّهْنِ وَالْمُرْتَهِنِ وَالْمُؤْتَمَنِ وَالْبَائِعُ فَقَالَ : بِعْت بِمِائَةٍ , وَقَالَ بِعْت بِخَمْسِينَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَمَنْ جَعَلْنَا الْقَوْلَ قَوْلَهُ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ إنْ أَرَادَ الَّذِي يُحَالِفُهُ يَمِينَهُ قَالَ : وَإِنْ اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي الرَّهْنِ فَقَالَ الرَّاهِنُ رَهَنْتُكَهُ بِمِائَةٍ , وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ رَهَنْتَنِيهِ بِمِئَتَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الرَّهْنِ فَقَالَ الرَّاهِنُ : رَهَنْتُك عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا , وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ : رَهَنْتَنِي عَبْدًا يُسَاوِي مِائَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَوْ قَالَ مَالِكُ الْعَبْدِ : رَهَنْتُك عَبْدِي بِمِائَةٍ أَوْ هُوَ فِي يَدَيْك وَدِيعَةً , وَقَالَ الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ بَلْ رَهَنْتَنِيهِ بِأَلْفٍ فِي الْحَالَيْنِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ@
الصفحة 398