كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)
( أَخْبَرَنَا ) إبْرَاهِيمُ وَغَيْرُهُ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ { أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَهَنَ دِرْعَهُ عِنْدَ أَبِي الشَّحْمِ الْيَهُودِيِّ } .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَيُوقَفُ عَلَى الْمُرْتَدِّ مَالُهُ فَإِنْ رَهَنَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ الْوَقْفِ فَلاَ يَجُوزُ فِي قَوْلِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَلَى حَالٍ وَفِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ لاَ يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْإِسْلاَمِ فَيَمْلِكَ مَالَهُ فَيَجُوزُ الرَّهْنُ , وَإِنْ رَهَنَهُ قَبْلَ وَقْفِ مَالِهِ فَالرَّهْنُ جَائِزٌ كَمَا يَجُوزُ لِلْمُشْرِكِ بِبِلاَدِ الْحَرْبِ مَا صَنَعَ فِي مَالِهِ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ عَنْهُ , وَكَمَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلاَمِ وَالذِّمَّةِ مَا صَنَعَ فِي مَالِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ فَإِذَا قَامُوا عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ مَا صَنَعَ فِي مَالِهِ حَتَّى يَسْتَوْفُوا حُقُوقَهُمْ أَوْ يُبْرِئُوهُ مِنْهَا .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَيْسَ لِلْمُقَارَضِ أَنْ يَرْهَنَ ; لِأَنَّ الْمِلْكَ لِصَاحِبِ الْمَالِ كَانَ فِي الْمُقَارَضَةِ فَضْلٌ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ لَمْ يَكُنْ , وَإِنَّمَا مِلْكُ الْمُقَارِضِ الرَّاهِنِ شَيْئًا مِنْ الْفَضْلِ شَرْطُهُ لَهُ إنْ سَلِمَ حَتَّى يَصِيرَ رَأْسُ مَالِ الْمُقَارَضِ إلَيْهِ أَخَذَ شَرْطَهُ , وَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ . قَالَ : وَإِنْ كَانَ عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَذِنَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ أَنْ يَرْهَنَ الْعَبْدَ فَالرَّهْنُ جَائِزٌ وَهُوَ كُلُّهُ رَهْنٌ بِجَمِيعِ الْحَقِّ لاَ يُفَكُّ بَعْضُهُ دُونَ بَعْضٍ . وَفِيهَا قَوْلٌ آخَرُ أَنَّ الرَّاهِنَ إنْ فَكَّ نَصِيبَهُ مِنْهُ فَهُوَ مَفْكُوكٌ وَيُجْبَرُ عَلَى فَكِّ نَصِيبِ شَرِيكِهِ فِي الْعَبْدِ إنْ شَاءَ ذَلِكَ شَرِيكُهُ فِيهِ , وَإِنْ فَكَّ نَصِيبَ صَاحِبِهِ مِنْهُ فَهُوَ مَفْكُوكُ صَاحِبِ الْحَقِّ عَلَى حَقِّهِ فِي نِصْفِ الْعَبْدِ الْبَاقِي , وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ شَرِيكُ الْعَبْدِ لِشَرِيكِهِ فِي أَنْ يَرْهَنَ نَصِيبَهُ مِنْ الْعَبْدِ فَرَهَنَ الْعَبْدَ فَنِصْفُهُ مَرْهُونٌ وَنِصْفُ شَرِيكِهِ الَّذِي لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي رَهْنِهِ مِنْ الْعَبْدِ غَيْرُ مَرْهُونٍ . أَلاَ تَرَى أَنَّ رَجُلاً لَوْ تَعَدَّى فَرَهَنَ عَبْدَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَهْنًا , وَكَذَلِكَ يَبْطُلُ الرَّهْنُ فِي النِّصْفِ الَّذِي لاَ يَمْلِكُهُ الرَّاهِنُ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَيَجُوزُ رَهْنُ الِاثْنَيْنِ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَإِنْ رَهَنَ رَجُلٌ رَجُلاً أَمَةً فَوَلَدَتْ أَوْ حَائِطًا فَأَثْمَرَ أَوْ مَاشِيَةً@
الصفحة 403