كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

.
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَأَحْسَبُ مُطَرِّفًا قَالَهُ فِي الْحَدِيثِ مِنْ عَامِ حَجِّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَهَذَا كَلاَمٌ يَحْتَمِلُ مَعَانِيَ فَأَظْهَرُ مَعَانِيهِ أَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ تَرَاضَيَا أَنْ تَكُونَ الثَّمَرَةُ رَهْنًا أَوْ يَكُونَ الدَّيْنُ حَالًّا وَيَكُونَ الرَّاهِنُ سَلَّطَ الْمُرْتَهِنَ عَلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ وَاقْتِضَائِهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ أَوْ أَذِنَ لَهُ بِذَلِكَ , وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ إلَى أَجَلٍ , وَيُحْتَمَلُ غَيْرُ هَذَا الْمَعْنَى فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَا تَرَاضَيَا أَنَّ الثَّمَرَةَ لِلْمُرْتَهِنِ فَتَأَدَّاهَا عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ هِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لاَ لِلْمُرْتَهِنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونُوا صَنَعُوا هَذَا مُتَقَدِّمًا فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهَا لاَ تَكُونُ لِلْمُرْتَهِنِ وَيُشْبِهُ هَذَا لِقَوْلِهِ مِنْ عَامِ حَجِّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَأَنَّهُمْ كَانُوا يَقْضُونَ بِأَنَّ الثَّمَرَةَ لِلْمُرْتَهِنِ قَبْلَ حَجِّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَظُهُورِ حُكْمِهِ فَرَدَّهُمْ إلَى أَنْ لاَ تَكُونَ لِلْمُرْتَهِنِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ ظَاهِرٌ مُقْتَصَرًا عَلَيْهِ وَصَارَ إلَى التَّأْوِيلِ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ فِيهِ شَيْءٌ إلَّا جَازَ عَلَيْهِ وَكُلٌّ يَحْتَمِلُ مَعْنًى لاَ يُخَالِفُ مَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ لاَ تَكُونُ الثَّمَرَةُ رَهْنًا مَعَ الْحَائِطِ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : وَكَيْفَ لاَ يَكُونُ لَهُ ظَاهِرٌ مُخَالِفٌ يَحْكُمُ بِهِ ؟ قُلْت أَرَأَيْت رَجُلاً رَهَنَ رَجُلاً حَائِطًا فَأَثْمَرَ الْحَائِطُ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُ الثَّمَرَةِ وَحِسَابُهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَيَكُونُ بَائِعًا لِنَفْسِهِ بِلاَ تَسْلِيطٍ مِنْ الرَّاهِنِ , وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الرَّاهِنَ سَلَّطَ الْمُرْتَهِنَ عَلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ أَوْ يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَقْبِضَهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ إلَى أَجَلٍ قَبْلَ مَحِلِّ الدَّيْنِ , وَلاَ يُجِيزُ هَذَا أَحَدٌ عَلِمْته فَلَيْسَ وَجْهُ الْحَدِيثِ فِي هَذَا إلَّا بِالتَّأْوِيلِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَلَمَّا كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ هَكَذَا كَانَ أَنْ لاَ تَكُونَ الثَّمَرَةُ رَهْنًا , وَلاَ@

الصفحة 405