كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)
غُرَمَاءُ آخَرُونَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ لِمَ أَدْخَلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَهُوَ تَطَوَّعَ بِهِ قِيلَ لَهُ : فَإِذَا كَانَ تَطَوَّعَ بِهِ فَلِمَ جَعَلْت لَهُ فِيمَا تَطَوَّعَ عِوَضَ السِّلْعَةِ وَالْمُتَطَوِّعُ مَنْ لاَ يَأْخُذُ عِوَضًا مَا زِدْت عَلَى أَنْ جَعَلْته لَهُ بَيْعًا لاَ يَجُوزُ وَغَرَرًا لاَ يُفْعَلُ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ نَخْلاً فِيهِ ثَمَرٌ أَوْ طَلْعٌ قَدْ أُبِّرَ اسْتَثْنَاهُ الْمُشْتَرِي , وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي وَأَكَلَ الثَّمَرَ ثُمَّ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ حَائِطَهُ ; لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ وَيَكُونُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي حِصَّةِ الثَّمَرِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ فَاسْتَهْلَكَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ أَصْلِ الثَّمَنِ يَقْسِمُ الثَّمَنَ عَلَى الْحَائِطِ وَالثَّمَرِ فَيَنْظُرُ كَمْ قِيمَةُ الثَّمَرِ مِنْ أَصْلِ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ الرُّبُعَ أَخَذَ الْحَائِطَ بِحِصَّتِهِ وَهُوَ ثَلاَثَةُ أَرْبَاعِ الثَّمَنِ وَرَجَعَ بِقِيمَةِ الثَّمَرِ وَهُوَ الرُّبُعُ , وَإِنَّمَا قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ لاَ يَوْمَ أَكْلِهِ ; لِأَنَّ الزِّيَادَةَ كَانَتْ فِي مَالِهِ . وَلَوْ قَبَضَهُ سَالِمًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ثُمَّ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ ; لِأَنَّهَا أَصَابَتْهُ فِي مِلْكِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ , وَلَوْ كَانَ بَاعَهُ الْحَائِطَ وَالثَّمَرَ قَدْ أَخْضَرَ ثُمَّ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي وَالثَّمَرُ رُطَبٌ أَوْ ثَمَرٌ قَاتِمٌ أَوْ بُسْرٌ زَائِدٌ عَنْ الْأَخْضَرِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ وَالنَّخْلَ ; لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ , وَإِنْ زَادَ كَمَا يَبِيعُهُ الْجَارِيَةَ الصَّغِيرَةَ فَيَأْخُذُهَا كَبِيرَةً زَائِدَةً , وَلَوْ أَكَلَ بَعْضَهُ وَأَدْرَكَ بَعْضَهُ زَائِدًا بِعَيْنِهِ أَخَذَ الْمُدْرَكَ وَتَبِعَهُ بِحِصَّةِ مَا بَاعَ مِنْ الثَّمَرِ يَوْمَ بَاعَهُ إيَّاهُ مَعَ الْغُرَمَاءِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَهَكَذَا لَوْ بَاعَهُ وُدْيًا صِغَارًا أَوْ نَوًى قَدْ خَرَجَ أَوْ زَرْعًا قَدْ خَرَجَ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ مَعَ أَرْضٍ فَأَفْلَسَ وَذَلِكَ كُلُّهُ زَائِدٌ مُدْرَكٌ أَخَذَ الْأَرْضَ وَجَمِيعَ مَا بَاعَهُ زَائِدًا مُدْرَكًا , وَإِذَا فَاتَ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ يَوْمَ وَقَعَ الْبَيْعُ كَمَا يَكُونُ .
لَوْ اشْتَرَى مِنْهُ جَارِيَةً أَوْ عَبْدًا بِحَالِ صِغَرٍ أَوْ مَرَضٍ فَمَاتَ فِي يَدَيْهِ أَوْ أَعْتَقَهُ رَجَعَ بِثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ مِنْهُ , وَلَوْ كَبُرَ الْعَبْدُ أَوْ صَحَّ , وَقَدْ اشْتَرَاهُ سَقِيمًا صَغِيرًا كَانَ لِلْبَائِعِ أَخْذُهُ صَحِيحًا كَبِيرًا ; لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ وَالزِّيَادَةُ فِيهِ مِنْهُ لاَ مِنْ صَنْعَةِ الْآدَمِيِّينَ , وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ فَعَلَّمَهُ أَخَذَهُ مُعَلَّمًا , وَلَوْ كَسَا الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ أَوْ وَهَبَ لَهُ مَالاً أَخَذَ الْبَائِعُ الْعَبْدَ وَأَخَذَ الْغُرَمَاءُ مَالَ الْعَبْدِ , وَلَيْسَ بِالْعَبْدِ ; لِأَنَّهَا غَيْرُهُ وَمَالٌ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي لاَ يَمْلِكُهُ الْبَائِعُ , وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ بِيعَ , وَلَهُ مَالٌ اسْتَثْنَاهُ الْمُشْتَرِي فَاسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي مَالَهُ@
الصفحة 417