كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

فَأَبَى رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذَ الْأَرْضَ بِقِيمَةِ الْغِرَاسِ وَأَبَى الْغَرِيمُ أَنْ يَقْلَعُوا الْغِرَاسَ وَيُسَلِّمُوا الْأَرْضَ إلَى رَبِّهَا لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ أَرْضَهُ وَيُبْقِيَ الثَّمَرَ فِيهَا إلَى الْجِدَادِ إنْ أَرَادَ الْغَرِيمُ وَالْغُرَمَاءُ أَنْ يُبْقُوهُ فِيهَا إلَى الْجِدَادِ فَذَلِكَ لَهُ , وَلَيْسَ لِلْغَرِيمِ مَنْعُهُ , وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَدَعَهَا وَيَضْرِبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِمَا كَانَ لَهُ فَعَلَ , وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ أَرْضًا بَيْضَاءَ فَزَرَعَهَا ثُمَّ فَلِسَ كَانَ مِثْلَ الْحَائِطِ يَبِيعُهُ ثُمَّ يُثْمِرُ النَّخْلُ فَإِنْ أَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَوْ رَبُّ النَّخْلِ أَنْ يَقْبَلَهَا وَيُبْقِيَ فِيهَا الزَّرْعَ إلَى الْحَصَادِ وَالثِّمَارَ إلَى الْجِدَادِ ثُمَّ عَطِبَتْ النَّخْلُ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَيِّ وَجْهٍ مَا عَطِبَتْ بِفِعْلِ الْآدَمِيِّينَ أَوْ بِأَمْرٍ مِنْ السَّمَاءِ أَوْ جَاءَ سَيْلٌ فَخَرَقَ الْأَرْضَ وَأَبْطَلَهَا فَضَمَانُ ذَلِكَ مِنْ رَبِّهَا الَّذِي قَبِلَهَا لاَ مِنْ الْمُفْلِسِ ; لِأَنَّهُ عِنْدَمَا قَبِلَهَا صَارَ مَالِكًا لَهَا إنْ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ بَاعَ , وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَهَبَ وَهَبَ . فَإِنْ قِيلَ وَمِنْ أَيْنَ يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَ الْمَرْءُ شَيْئًا لاَ يَتِمُّ لَهُ جَمِيعُ مِلْكِهِ فِيهِ ; لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَمْلِكْهُ الَّذِي جَعَلْت لَهُ أَخَذَهُ مِلْكًا تَامًّا ; لِأَنَّهُ مَحُولٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جِمَارِ النَّخْلِ وَالْجَرِيدِ وَكُلِّ مَا أَضَرَّ بِثَمَرِ الْمُفْلِسِ وَمَحُولٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يُحْدِثَ فِي الْأَرْضِ بِئْرًا أَوْ شَيْئًا مِمَّا يَضُرُّ ذَلِكَ بِزَرْعِ الْمُفْلِسِ ؟ قِيلَ لَهُ بِدَلاَلَةِ قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - { مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ } فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَمْلِكَ الْمُبْتَاعُ النَّخْلَ وَيَمْلِكَ الْبَائِعُ الثَّمَرَ إلَى الْجِدَادِ . قَالَ : وَلَوْ سَلَّمَ رَبُّ الْأَرْضِ الْأَرْضَ لِلْمُفْلِسِ فَقَالَ الْغُرَمَاءُ اُحْصُدْ الزَّرْعَ وَبِعْهُ بَقْلاً , وَأَعْطِنَا ثَمَنَهُ . وَقَالَ الْمُفْلِسُ : لَسْتُ أَفْعَلُ وَأَنَا أَدَعُهُ إلَى أَنْ يُحْصَدَ ; لِأَنَّ ذَلِكَ أَنْمَى لِي وَالزَّرْعُ لاَ يَحْتَاجُ إلَى الْمَاءِ , وَلاَ الْمُؤْنَةِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْغُرَمَاءِ فِي أَنْ يُبَاعَ لَهُمْ . وَلَوْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى السَّقْيِ وَالْعِلاَجِ فَتَطَوَّعَ رَجُلٌ لِلْغَرِيمِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ فَأَخْرَجَ@

الصفحة 419