كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

يُجَامِعُهَا ; لِأَنَّ الْجِمَاعَ هُوَ الْمُسْتَحْلَى مِنْ الْمَرْأَةِ فَقَالُوا لِكُلِّ مَا اسْتَحْلَوْهُ عَسَلٌ وَمَعْسُولٌ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يُسْتَحْلَى اسْتِحْلاَءَ الْعَسَلِ قَالَ فَعَسَلُ النَّحْلِ الْمُنْفَرِدِ بِالِاسْمِ دُونَ مَا سِوَاهُ مِنْ الْحُلْوِ فَإِنَّمَا سُمِّيَتْ عَلَى مَا وُصِفَتْ مِنْ الشَّبَهِ وَالْعَسَلُ فِطْرَةُ الْخَالِقِ لاَ صَنْعَةَ لِلْآدَمِيِّينَ فِيهِ وَمَا سِوَاهُ مِنْ الْحُلْوِ فَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ مِنْ قَصَبٍ أَوْ ثَمَرَةٍ أَوْ حَبَّةٍ كَمَا تُسْتَخْرَجُ الْأَدْهَانُ فَلاَ بَأْسَ بِالْعَسَلِ بِعَصِيرِ قَصَبِ السُّكْرِ ; لِأَنَّهُ لاَ يُسَمَّى عَسَلاً إلَّا عَلَى مَا وَصَفْت فَإِنَّمَا يُقَالُ عَصِيرُ قَصَبٍ وَلاَ بَأْسَ الْعَسَلُ بِعَصِيرِ الْعِنَبِ وَلاَ بِرُبِّ الْعِنَبِ وَلاَ بَأْسَ بِعَصِيرِ الْعِنَبِ بِعَصِيرِ قَصَبِ السُّكَّرِ ; لِأَنَّهُمَا مُحْدَثَانِ وَمِنْ شَجَرَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ . وَكَذَلِكَ رُبِّ التَّمْرِ بِرُبِّ الْعِنَبِ مُتَفَاضِلاً وَهَكَذَا كُلُّ مَا اُسْتُخْرِجَ مِنْ شَيْءٍ فَكَانَ حُلْوًا فَأَصْلُهُ عَلَى مَا وَصَفْت عَلَيْهِ أُصُولَ الْأَدْهَانِ مِثْلُ عَصِيرِ الرُّمَّانِ بِعَصِيرِ السَّفَرْجَلِ وَعَصِيرِ التُّفَّاحِ بِعَصِيرِ اللَّوْزِ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا , فَعَلَى هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ وَقِيَاسِهِ وَلاَ يَجُوزُ مِنْهُ صِنْفٌ بِمِثْلِهِ إلَّا يَدًا بِيَدٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ إنْ كَانَ يُوزَنُ وَكِيلاً إنْ كَانَ أَصْلُهُ الْكَيْلَ بِكَيْلٍ وَلاَ يَجُوزُ مِنْهُ مَطْبُوخٌ بِنَيْءٍ بِحَالٍ ; لِأَنَّهُ إذَا كَانَ إنَّمَا يُدَّخَرُ مَطْبُوخًا فَأَعْطَيْت مِنْهُ نَيْئًا بِمَطْبُوخٍ فَالنَّيْءُ إذَا طُبِخَ يَنْقُصُ فَيَدْخُلُ فِيهِ النُّقْصَانُ فِي النَّيْءِ فَلاَ يَحِلُّ . إلَّا مِثْلاً بِمِثْلٍ وَلاَ يُبَاعُ مِنْهُ وَاحِدٌ بِآخَرَ مَطْبُوخَيْنِ مَعًا ; لِأَنَّ النَّارَ تَبْلُغُ مِنْ بَعْضِهِ أَكْثَرَ مِمَّا تَبْلُغُ مِنْ بَعْضٍ وَلَيْسَ لِلْمَطْبُوخِ غَايَةٌ يَنْتَهِي إلَيْهَا كَمَا يَكُونُ لِلتَّمْرِ فِي الْيُبْسِ غَايَةٌ يَنْتَهِي إلَيْهَا وَقَدْ يُطْبَخُ فَيَذْهَبُ مِنْهُ جُزْءٌ مِنْ مِائَةِ جُزْءٍ وَيُطْبَخُ فَيَذْهَبُ مِنْهُ عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ مِنْهُ مَطْبُوخٌ بِمَطْبُوخٍ لِمَا وَصَفْت وَلاَ مَطْبُوخٌ بِنَيْءٍ وَلاَ يَجُوزُ إلَّا نَيْءٌ بِنَيْءٍ . فَإِنْ كَانَ مِنْهُ شَيْءٌ لاَ يُعْصَرُ إلَّا مَشُوبًا بِغَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُبَاعَ بِصِنْفِهِ مِثْلاً بِمِثْلٍ ; لِأَنَّهُ لاَ يُدْرَى مَا حِصَّةُ الْمَشُوبِ مِنْ حِصَّةِ الشَّيْءِ الْمَبِيعِ بِعَيْنِهِ الَّذِي لاَ يَحِلُّ الْفَضْلُ فِي بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ@

الصفحة 42