كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

ذَلِكَ فِي الرَّهْنِ لَوْ كَانُوا عَبِيدًا رَهْنًا بِمِائَةٍ فَأَدَّى تِسْعِينَ كَانُوا مَعًا رَهْنًا بِعَشَرَةٍ لاَ يَخْرُجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ مِنْ الرَّهْنِ , وَلاَ شَيْءَ مِنْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ آخِرَ حَقِّهِ فَلَمَّا كَانَ الْبَيْعُ فِي دَلاَلَةِ حُكْمِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَوْقُوفًا فَإِنْ أَخَذَ ثَمَنَهُ , وَإِلَّا رَجَعَ بَيْعُهُ فَأَخَذَهُ فَكَانَ كَالْمُرْتَهِنِ قِيمَتَهُ وَفِي أَكْثَرَ مِنْ حَالِ الْمُرْتَهِنِ فِي أَنَّهُ أَخَذَهُ كُلَّهُ لاَ يُبَاعُ عَلَيْهِ كَمَا يُبَاعُ الرَّهْنُ فَيَسْتَوْفِي حَقَّهُ وَيَرُدُّ فَضْلَ الثَّمَنِ عَلَى مَالِكِهِ فَكَانَ فِي مَعْنَى السُّنَّةِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فِي الشَّرِيكَيْنِ يُفْلِسُ أَحَدُهُمَا : لاَ يَلْزَمُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ أَدَانَهُ لَهُ بِإِذْنِهِ أَوْ هُمَا مَعًا فَيَكُونُ كَدَيْنٍ أَدَانَهُ لَهُ بِإِذْنِهِ بِلاَ شَرِكَةٍ كَانَتْ , وَشَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ بَاطِلَةٌ لاَ شَرِكَةَ إلَّا وَاحِدَةً .
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ } , وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ } فَلَمْ يَجْعَلْ عَلَى ذِي دَيْنٍ سَبِيلاً فِي الْعُسْرَةِ حَتَّى تَكُونَ الْمَيْسَرَةُ , وَلَمْ يَجْعَلْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَطْلَهُ ظُلْمًا إلَّا بِالْغِنَى فَإِذَا كَانَ مُعْسِرًا فَهُوَ لَيْسَ مِمَّنْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ إلَّا أَنْ يُوسِرَ , وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ فَلاَ سَبِيلَ عَلَى إجَارَتِهِ ; لِأَنَّ إجَارَتَهُ عَمَلُ بَدَنِهِ , وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى بَدَنِهِ سَبِيلٌ , وَإِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى مَالِهِ لَمْ يَكُنْ إلَى اسْتِعْمَالِهِ سَبِيلٌ , وَكَذَلِكَ لاَ يُحْبَسُ ; لِأَنَّهُ لاَ سَبِيلَ عَلَيْهِ فِي حَالِهِ هَذِهِ .@

الصفحة 421