كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

قَالَ : وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ أَجِيرًا فِي حَانُوتٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ شَجَرٍ بِإِجَارَةٍ مَعْلُومَةٍ لَيْسَتْ مِمَّا اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ إمَّا بِمَكِيلَةِ طَعَامٍ مَضْمُونٍ , وَإِمَّا بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ أَوْ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا يَبِيعُ فِيهِ بَزًّا أَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلاً يُعَلِّمُ لَهُ عَبْدًا أَوْ يَرْعَى لَهُ غَنَمًا أَوْ يُرَوِّضُ لَهُ بَعِيرًا ثُمَّ أَفْلَسَ فَالْأَجِيرُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْ هَؤُلاَءِ الْأُجَرَاءِ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ مُخْتَلِطٌ بِهَذَا زَائِدٌ فِيهِ كَزِيَادَةِ الصَّبْغِ وَالْقِصَارَةِ فِي الثَّوْبِ وَهُوَ مِنْ مَالِ الصَّبَّاغِ وَزِيَادَةُ الْخِيَاطَةِ فِي الثَّوْبِ مِنْ مَالِ الْخَيَّاطِ وَعَمَلِهِ وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ هَذَا غَيْرُ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ وَغَيْرُ شَيْءٍ قَائِمٍ فِيمَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ . أَلاَ تَرَى أَنَّ قِيمَةَ الثَّوْبِ غَيْرَ مَصْبُوغٍ , وَقِيمَتَهُ مَصْبُوغًا , وَقِيمَتَهُ غَيْرَ مَخِيطٍ وَغَيْرَ مَقْصُورٍ , وَقِيمَتَهُ مَخِيطًا وَمَقْصُورًا مَعْرُوفَةٌ حِصَّةُ زِيَادَةِ الْعَامِلِ فِيهِ , وَلَيْسَ فِي الثِّيَابِ الَّتِي فِي الْحَانُوتِ , وَلاَ فِي الْمَاشِيَةِ الَّتِي تُرْعَى , وَلاَ فِي الْعَبْدِ الَّذِي يُعَلِّمُهُ شَيْءٌ قَائِمٌ مِنْ صَنْعَةِ غَيْرِهِ فَيُعْطِي ذَلِكَ صَنْعَتَهُ أَوْ مَالَهُ , وَإِنَّمَا هُوَ غَرِيمٌ مِنْ الْغُرَمَاءِ . أَوَلاَ تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَوَلَّى الزَّرْعَ كَانَ الزَّرْعُ وَالْمَاءُ وَالْأَرْضُ مِنْ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ , وَكَانَتْ صَنْعَتُهُ فِيهِ إنَّمَا هِيَ إلْقَاءٌ فِي الْأَرْضِ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ زَائِدٍ فِيهِ وَالزِّيَادَةُ فِيهِ بَعْدَ شَيْءٍ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ لاَ صَنْعَةَ فِيهَا لِلْأَجِيرِ . أَوَلاَ تَرَى أَنَّ الزَّرْعَ لَوْ هَلَكَ كَانَتْ لَهُ إجَارَتُهُ وَالثَّوْبَ لَوْ هَلَكَ فِي يَدَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إجَارَتُهُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ عَمَلَهُ إلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُ ؟ .
وَلَوْ تَكَارَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ أَرْضًا وَاشْتَرَى مِنْ آخَرَ مَاءً ثُمَّ زَرَعَ الْأَرْضَ بِبَذْرِهِ ثُمَّ فَلِسَ الْغَرِيمُ بَعْدَ الْحَصَادِ كَانَ رَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْمَاءِ شَرِيكَيْنِ لِلْغُرَمَاءِ , وَلَيْسَا بِأَحَقَّ بِمَا يَخْرُجُ مِنْ الْأَرْضِ , وَلاَ بِالْمَاءِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا فِيهِ عَيْنُ مَالِ الْحَبِّ الَّذِي نَمَا مِنْ مَالِ الْغَرِيمِ لاَ مِنْ مَالِهِمَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ نَمَا بِمَاءِ هَذَا وَفِي أَرْضِ هَذَا قُلْنَا عَيْنُ الْمَالِ لِلْغَرِيمِ لاَ لَهُمَا وَالْمَاءُ مُسْتَهْلَكٌ فِي الْأَرْضِ وَالزَّرْعُ عَيْنٌ مَوْجُودَةٌ وَالْأَرْضُ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي الزَّرْعِ وَتَصَرُّفُهُ فِيهَا لَيْسَ بِكَيْنُونَةٍ مِنْهَا فِيهِ فَنُعْطِيهِ عَيْنَ مَالِهِ , وَلَوْ عَنَى رَجُلٌ فَقَالَ أَجْعَلُهُمَا أَحَقَّ بِالطَّعَامِ مِنْ الْغُرَمَاءِ دَخَلَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَعْطَاهُمَا غَيْرَ عَيْنِ مَالِهِمَا ثُمَّ أَعْطَاهُمَا عَطَاءً مُحَالاً , فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَمَا الْمُحَالُ فِيهِ ؟ . قُلْنَا : إنْ زَعَمَ أَنَّ صَاحِبَ الزَّرْعِ وَصَاحِبَ@

الصفحة 426