كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ } .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَلَمَّا كَانَ كَفَنُهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ دُونَ غُرَمَائِهِ وَنَفْسُهُ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ , وَكَانَ الْمَالُ مِلْكًا لَهُ أَشْبَهَ أَنْ يُجْعَلَ قَضَاءَ دَيْنِهِ ; لِأَنَّ نَفْسَهُ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ , وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مَالُ الْمَيِّتِ زَائِلاً عَنْهُ فَلاَ يَصِيرُ إلَى غُرَمَائِهِ , وَلاَ إلَى وَرَثَتِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَهُ وَرَثَتُهُ دُونَ غُرَمَائِهِ , وَلَوْ وَقَفَ إلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ عَلَّقَ رُوحَهُ بِدَيْنِهِ , وَكَانَ مَالُهُ مُعَرَّضًا أَنْ يَهْلِكَ فَلاَ يُؤَدِّي عَنْ ذِمَّتِهِ , وَلاَ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْزِلَةٌ أَوْلَى مِنْ أَنْ يَحِلَّ دَيْنُهُ ثُمَّ يُعْطَى مَا بَقِيَ وَرَثَتُهُ . .
. بَابُ مَا حَلَّ مِنْ دَيْنِ الْمُفْلِسِ وَمَا لَمْ يَحِلَّ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى وَإِذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ إلَى أَجَلٍ فَقَدْ ذَهَبَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُفْتِينَ مِمَّنْ حَفِظْتُ عَنْهُ إلَى أَنَّ دُيُونَهُ الَّتِي إلَى أَجَلٍ حَالَّةً حُلُولَ دَيْنِ الْمَيِّتِ وَهَذَا قَوْلٌ يَتَوَجَّهُ مِنْ أَنَّ مَالَهُ وُقِفَ وَقْفَ مَالِ الْمَيِّتِ وَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَقْضِيَ مَنْ شَاءَ وَيَدْخُلُ فِي هَذَا أَنَّهُمْ إذَا حَكَمُوا لَهُ حُكْمَ الْمَيِّتِ انْبَغَى أَنْ يُدْخِلُوا مَنْ أَقَرَّ لَهُ بِشَيْءٍ مَعَ غُرَمَائِهِ , وَكَذَلِكَ يُخْرِجُونَ مِنْ يَدَيْهِ مَا أَقَرَّ بِهِ لِرَجُلٍ كَمَا يَصْنَعُونَ ذَلِكَ بِالْمَرِيضِ يُقِرُّ ثُمَّ يَمُوتُ , وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يُبَاعَ لِمَنْ حَلَّ دَيْنُهُ وَيُؤَخِّرَ الَّذِينَ دُيُونُهُمْ مُتَأَخِّرَةٌ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مَيِّتٍ فَإِنَّهُ قَدْ يَمْلِكُ وَالْمَيِّتُ لاَ يَمْلِكُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ . قَالَ : وَمَا كَانَ لِلْمَيِّتِ مِنْ دَيْنٍ عَلَى النَّاسِ فَهُوَ إلَى أَجَلِهِ لاَ يَحِلُّ مَالُهُ بِمَوْتِهِ , وَلاَ بِتَفْلِيسِهِ . .
بَابُ مَا جَاءَ فِي حَبْسِ الْمُفْلِسِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ مَالٌ يُرَى فِي يَدَيْهِ وَيَظْهَرُ مِنْهُ شَيْءٌ ثُمَّ قَامَ أَهْلُ الدَّيْنِ عَلَيْهِ فَأَثْبَتُوا حُقُوقَهُمْ فَإِنْ أَخْرَجَ مَالاً أَوْ وُجِدَ لَهُ ظَاهِرٌ@

الصفحة 441