 
	    كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)
مُنْقَطِعٌ لَوْ لَمْ يُخَالِفْهُ غَيْرُهُ لَمْ يَكُنْ مِمَّا يُثْبِتُهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِهِ حُجَّةٌ إلَّا هَذَا انْبَغَى لِمَنْ عَرَفَ الْحَدِيثَ تَرْكُهُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ مَعَ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَرْوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثًا لَيْسَ فِيهِ مَا رَوَى ابْنُ شِهَابٍ عَنْهُ مُرْسَلاً إنْ كَانَ رَوَى كُلَّهُ فَلاَ أَدْرِي عَمَّنْ رَوَاهُ , وَلَعَلَّهُ رَوَى أَوَّلَ الْحَدِيثِ , وَقَالَ بِرَأْيِهِ آخِرَهُ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَمَوْجُودٌ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ { عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ انْتَهَى بِالْقَوْلِ } فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ مَا زَادَ عَلَى هَذَا قَوْلاً مِنْ أَبِي بَكْرٍ لاَ رِوَايَةً , وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا فِي سُنَّةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ الرَّجُلَ يَبِيعُ السِّلْعَةَ مِنْ الرَّجُلِ فَيَكُونُ مَالِكًا لِلْمَبِيعِ يَجُوزُ لَهُ فِيهَا مَا يَجُوزُ لِذِي الْمَالِ فِي الْمَالِ مِنْ وَطْءِ أَمَةٍ وَبَيْعِهَا وَعِتْقِهَا , وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ ثَمَنَهَا فَإِذَا أَفْلَسَ وَالسِّلْعَةُ بِعَيْنِهَا فِي يَدَيْ الْمُشْتَرِي كَانَ لِلْبَائِعِ التَّسْلِيطُ عَلَى نَقْضِ عُقْدَةِ الْبَيْعِ . كَمَا يَكُونُ لِلْمُسْتَشْفِعِ أَخْذُ الشُّفْعَةِ , وَقَدْ كَانَ الشِّرَاءُ صَحِيحًا فَكَانَ الْمُشْتَرِي لِمَا فِيهِ الشُّفْعَةُ لَوْ مَاتَ كَانَ لِلْمُسْتَشْفِعِ أَخْذُ الشُّفْعَةِ مِنْ وَرَثَتِهِ كَمَا لَهُ أَخْذُهَا مِنْ يَدَيْهِ فَكَيْفَ لَمْ يَكُنْ هَذَا فِي الَّذِي يَجِدُ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ مُعْدِمٍ , وَإِنْ مَاتَ كَمَا كَانَ لِبَائِعِهِ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ مَالِكِهِ , وَكَمَا قُلْنَا فِي الشُّفْعَةِ , وَكَيْفَ يَكُونُ الْوَرَثَةُ يَمْلِكُونَ عَنْ الْمَيِّتِ مَنْعَ السِّلْعَةِ , وَإِنَّمَا عَنْهُ وَرِثُوهَا , وَلَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَنْعُهَا مِنْ أَنْ يَنْقُضَ بَائِعُهَا الْبَيْعَ إذَا لَمْ يُعْطِ ثَمَنَهَا كَامِلاً فَلاَ يَكُونُ لِلْوَرَثَةِ فِي حَالِ مَا وَرِثُوا عَنْ الْمَيِّتِ إلَّا مَا كَانَ لِلْمَيِّتِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ , وَقَدْ جَعَلْتُمْ لِلْوَرَثَةِ أَكْثَرَ مِمَّا لِلْمُورِثِ الَّذِي عَنْهُ مَلَكُوهَا , وَلَوْ جَازَ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ عَيْنَ مَالِهِ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ مَيِّتٌ لاَ يُفِيدُ شَيْئًا أَبَدًا وَالْحَيُّ يُفْلِسُ فَتُرْجَى إفَادَتُهُ وَأَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ فَضَعَّفْتُمْ الْأَقْوَى , وَقَوَّيْتُمْ الْأَضْعَفَ وَتَرَكْتُمْ بَعْضَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَخَذْتُمْ بِبَعْضِهِ . قَالَ : فَلَيْسَ هَذَا مِمَّا رَوَيْنَا . قُلْنَا : وَإِنْ لَمْ تَرْوُوهُ فَقَدْ رَوَاهُ ثِقَةٌ عَنْ ثِقَةٍ فَلاَ يُوهِنُهُ أَنْ لاَ تَرْوُوهُ , وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَحَادِيثِ لَمْ تَرْوُوهُ فَلَمْ يُوهِنْهُ ذَلِكَ .@
الصفحة 449