كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

زَوْجِهَا } . قِيلَ : قَدْ سَمِعْنَاهُ , وَلَيْسَ بِثَابِتٍ فَيَلْزَمُنَا أَنْ نَقُولَ بِهِ وَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى خِلاَفِهِ ثُمَّ السُّنَّةُ ثُمَّ الْأَثَرُ ثُمَّ الْمَعْقُولُ فَإِنْ قَالَ فَاذْكُرْ الْقُرْآنَ قُلْنَا الْآيَةَ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِدَفْعِ أَمْوَالِهِمْ إلَيْهِمْ وَسَوَّى فِيهَا بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ , وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ خَبَرٍ لاَزِمٍ . فَإِنْ قَالَ أَفَتَجِدُ فِي الْقُرْآنِ دَلاَلَةً عَلَى مَا وَصَفْت سِوَى هَذَا ؟ قِيلَ نَعَمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنْسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُسَلِّمَ إلَى الْمَرْأَةِ نِصْفَ مَهْرِهَا كَمَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ إلَى الْأَجْنَبِيَّيْنِ مِنْ الرِّجَالِ مَا وَجَبَ لَهُمْ . وَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ مُسَلَّطَةٌ عَلَى أَنْ تَعْفُوَ مِنْ مَالِهَا وَنَدَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إلَى الْعَفْوِ وَذَكَرَ أَنَّهُ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَسَوَّى بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ فِيمَا يَجُوزُ مِنْ عَفْوِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا وَجَبَ لَهُ يَجُوزُ عَفْوُهُ إذَا دَفَعَ الْمَهْرَ كُلَّهُ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنِصْفِهِ فَعَفَاهُ جَازَ , وَإِذَا لَمْ يَدْفَعْهُ فَكَانَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ نِصْفَهُ فَعَفَتْهُ جَازَ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ . وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا } فَجَعَلَ فِي إيتَائِهِنَّ مَا فَرَضَ لَهُنَّ مِنْ فَرِيضَةٍ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ يَدْفَعُونَهُ إلَيْهِنَّ دَفْعَهُمْ إلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الرِّجَالِ مِمَّنْ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِمْ حَقٌّ بِوَجْهٍ وَحَلَّ لِلرِّجَالِ أَكْلُ مَا طَابَ نِسَاؤُهُمْ عَنْهُ نَفْسًا كَمَا حَلَّ لَهُمْ مَا طَابَ الْأَجْنَبِيُّونَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ عَنْهُ نَفْسًا وَمَا طَابُوا هُمْ لِأَزْوَاجِهِمْ عَنْهُ نَفْسًا لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ حُكْمِهِمْ وَحُكْمِ أَزْوَاجِهِمْ وَالْأَجْنَبِيِّينَ وَغَيْرِ أَزْوَاجِهِمْ فِيمَا أَوْجَبَهُ مِنْ دَفْعِ حُقُوقِهِنَّ , وَأَحَلَّ مَا طِبْنَ عَنْهُ نَفْسًا مِنْ أَمْوَالِهِنَّ وَحَرَّمَ@

الصفحة 453