كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)
عُبَيْدٍ أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِكُلِّ شَيْءٍ لَهَا فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ مِنْ أَنَّهَا إذَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا حَلَّ لِزَوْجِهَا الْأَخْذُ مِنْهَا , وَلَوْ كَانَتْ لاَ يَجُوزُ لَهَا فِي مَالِهَا مَا يَجُوزُ لِمَنْ لاَ حَجْرَ عَلَيْهِ مِنْ الرِّجَالِ مَا حَلَّ لَهُ خَلْعُهَا . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : وَأَيْنَ الْقِيَاسُ وَالْمَعْقُولُ ؟ قُلْت إذَا أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى لِزَوْجِهَا مَا أَعْطَتْهُ فَهَذَا لاَ يَكُونُ إلَّا لِمَنْ يَجُوزُ لَهُ مَالُهُ وَإِذَا كَانَ مَالُهَا يُورَثُ عَنْهَا وَكَانَتْ تَمْنَعُهُ زَوْجَهَا فَيَكُونُ لَهَا فَهِيَ كَغَيْرِهَا مِنْ ذَوِي الْأَمْوَالِ قَالَ , وَلَوْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى الْحَدِيثِ الَّذِي لاَ يَثْبُتُ أَنْ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُعْطِيَ مِنْ دُونِ زَوْجِهَا إلَّا مَا أَذِنَ زَوْجُهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَجْهٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا وَلِيًّا لَهَا , وَلَوْ كَانَ رَجُلٌ وَلِيًّا لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ فَوَهَبَتْ لَهُ شَيْئًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ ; لِأَنَّ هِبَتَهَا لَهُ كَهِبَتِهَا لِغَيْرِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ لاَ تُعْطِي مِنْ مَالِهَا دِرْهَمًا , وَلاَ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَبِيعَ فِيهِ , وَلاَ تَبْتَاعَ , وَيُحْكَمُ لَهَا وَعَلَيْهَا حُكْمُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ , وَلَوْ زَعَمَ أَنَّ زَوْجَهَا شَرِيكٌ لَهَا فِي مَالِهَا سُئِلَ أَبِالنِّصْفِ ؟ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ قِيلَ فَتَصْنَعُ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ مَا شَاءَتْ وَيَصْنَعُ بِالنِّصْفِ مَا شَاءَ ؟ فَإِنْ قَالَ مَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ ؟ قُلْت فَاجْعَلْ لَهَا مِنْ مَالِهَا شَيْئًا فَإِنْ قَالَ : مَالُهَا مَرْهُونٌ لَهُ . قِيلَ لَهُ : فَبِكَمْ هُوَ مَرْهُونٌ حَتَّى تَفْتَدِيَهُ ؟ . فَإِنْ قَالَ : لَيْسَ بِمَرْهُونٍ . قِيلَ لَهُ : فَقُلْ فِيهِ مَا أَحْبَبْت فَهُوَ لاَ شَرِيكَ لَهَا فِي مَالِهَا , وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَك وَعِنْدَنَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهَا دِرْهَمًا , وَلَيْسَ مَالُهَا مَرْهُونًا فَتَفْتَكُّهُ , وَلَيْسَ زَوْجُهَا وَلِيًّا لَهَا , وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا وَلِيًّا لَهَا , وَكَانَ سَفِيهًا أَخْرَجْنَا وِلاَيَتَهَا مِنْ يَدَيْهِ وَوَلَّيْنَا غَيْرَهُ عَلَيْهَا وَمَنْ خَرَجَ مِنْ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ لَمْ يَخْرُجْ إلَى أَثَرٍ يُتَّبَعُ , وَلاَ قِيَاسٍ , وَلاَ مَعْقُولٍ . وَإِذَا جَازَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعْطِيَ مِنْ مَالِهَا الثُّلُثَ لاَ تَزِيدُ عَلَيْهِ فَلِمَ يَجْعَلُهَا مُوَلًّى عَلَيْهَا , وَلَمْ يَجْعَلْ زَوْجَهَا شَرِيكًا , وَلاَ مَالَهَا مَرْهُونًا فِي يَدَيْهِ , وَلاَ هِيَ مَمْنُوعَةٌ مِنْ مَالِهَا , وَلاَ مُخَلًّى بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ ثُمَّ يُجِيزُ لَهَا بَعْدَ زَمَانٍ إخْرَاجَ الثُّلُثِ وَالثُّلُثِ بَعْدَ زَمَانٍ حَتَّى يَنْفَدَ مَالُهَا فَمَا مَنَعَهَا مَالَهَا , وَلاَ خَلَّاهَا وَإِيَّاهُ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ . فَإِنْ قَالَ هُوَ نَكَحَهَا عَلَى الْيُسْرِ قِيلَ أَفَرَأَيْت إنْ نُكِحَتْ مُفْلِسَةً ثُمَّ أَيْسَرَتْ @
الصفحة 456