كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)
بَعْدُ عِنْدَهُ أَيَدَعُهَا وَمَالَهَا؟. فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ فَقَدْ أَخْرَجَهَا مِنْ الْحَجْرِ وَإِنْ قَالَ: لاَ فَقَدْ مَنَعَهَا مَا لَمْ تَغُرَّهُ بِهِ أَوَرَأَيْت إذَا قَالَ غَرَّتْهُ فَلاَ أَتْرُكُهَا تُخْرِجُ مَالَهَا ضِرَارًا؟. قِيلَ أَفَرَأَيْت إنْ غُرَّ فَقِيلَ هِيَ جَمِيلَةٌ فَوَجَدَهَا غَيْرَ جَمِيلَةٍ أَوْ غُرَّ فَقِيلَ هِيَ مُوسِرَةٌ فَوَجَدَهَا مُفْلِسَةً أَيَنْقُصُ عَنْهُ مِنْ صَدَاقِهَا أَوْ يَرُدُّهُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ؟. أَوْ رَأَيْت إذَا قَالَ هَذَا فِي الْمَرْأَةِ فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ دَيِّنًا مُوسِرًا فَنَكَحَ شَرِيفَةً , وَأَعْلَمَتْنَا أَنَّهَا لَمْ تَنْكِحْهُ إلَّا بِيُسْرِهِ ثُمَّ خَدَعَهَا فَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ كُلِّهِ فَإِذَا جَازَ ذَلِكَ لَهُ فَقَدْ ظَلَمَهَا بِمَنْعِهَا مِنْ مَالِهَا مَا أَبَاحَ لَهُ. وَإِنْ قَالَ أَجْبُرُهَا بِأَنْ تَبْتَاعَ لَهُ مَا يَتَجَهَّزُ بِهِ مِثْلُهَا ; لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَتَعَامَلُ بِهِ النَّاسُ عِنْدَنَا , وَذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُصْدَقُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَتُجَهَّزُ بِأَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ آلاَفٍ وَتَكُونُ مُفْلِسَةً لاَ تُجَهَّزُ إلَّا بِثِيَابِهَا وَبِسَاطِهَا وَمِمَّا يَتَعَامَلُ النَّاسُ بِهِ أَنَّ الرَّجُلَ الْمُفْلِسَ ذَا الْمُرُوءَةِ يَنْكِحُ الْمُوسِرَةَ فَتَقُولُ يَكُونُ قَيِّمًا عَلَى مَالِي عَلَى هَذَا تَنَاكَحَا وَيَسْتَنْفِقُ مِنْ مَالِهَا وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِمَّا وَصَفْت وَيَحْسُنُ مِمَّا يَتَعَامَلُ النَّاسُ وَلِلْحَاكِمِ الْحُكْمُ عَلَى مَا يَجِبُ لَيْسَ عَلَى مَا يَجْمُلُ وَيَتَعَامَلُ النَّاسُ عَلَيْهِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْحُجَّةُ تُمْكِنُ عَلَى مِنْ خَالَفَنَا بِأَكْثَرَ مِمَّا وَصَفْت , وَفِي أَقَلَّ مِمَّا وَصَفْت حُجَّةٌ , وَلاَ يَسْتَقِيمُ فِيهَا قَوْلٌ إلَّا مَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالسُّنَّةُ وَالْآثَارُ وَالْقِيَاسُ مِنْ أَنَّ صَدَاقَهَا مَالٌ مِنْ مَالِهَا , وَأَنَّ لَهَا إذَا بَلَغَتْ الرُّشْدَ أَنْ تَفْعَلَ فِي مَالِهَا مَا يَفْعَلُ الرَّجُلُ لاَ فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ.
بَابُ الْحَجْرِ عَلَى الْبَالِغِينَ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: الْحَجْرُ عَلَى الْبَالِغِينَ فِي آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُمَا قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ}.@
الصفحة 457