كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

وَعَقَلَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَكَانَ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَشَدَّ تَقْصِيرًا فِي عَقْلِهِ , وَأَكْثَرَ إفْسَادًا لِمَالِهِ أَلاَ يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى الَّذِي أَمَرَ بِالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لَهُ فِيهِ , وَلَوْ أُونِسَ مِنْهُ رُشْدٌ فَدُفِعَ إلَيْهِ مَالُهُ ثُمَّ عُلِمَ مِنْهُ غَيْرُ الرُّشْدِ أُعِيدَ عَلَيْهِ الْحَجْرُ ; لِأَنَّ انْتَقَلَتْ إلَى الْحَالِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ يُحْجَرَ عَلَيْهِ فِيهَا كَمَا يُؤْنَسُ مِنْهُ الْعَدْلُ فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ ثُمَّ تَتَغَيَّرُ فَتُرَدُّ ثُمَّ إنْ تَغَيَّرَ فَأُونِسَ مِنْهُ عَدْلٌ أُجِيزَتْ وَكَذَلِكَ إنْ أُونِسَ مِنْهُ إصْلاَحٌ بَعْدَ إفْسَادٍ أُعْطِيَ مَالُهُ وَالنِّسَاءُ وَالرِّجَالُ فِي هَذَا سَوَاءٌ لِأَنَّ اسْمَ الْيَتَامَى يَجْمَعُهُمْ وَاسْمَ الِابْتِلاَءِ يَجْمَعُهُمْ , وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَإِنْ خَرَجَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ مِنْ أَنْ يَكُونَا مَوْلَيَيْنِ جَازَ لِلْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا مَا جَازَ لِلرَّجُلِ فِي مَالِهِ ذَاتَ زَوْجٍ كَانَتْ أَوْ غَيْرَ ذَاتٍ زَوْجٍ سُلْطَانُهَا عَلَى مَالِهَا سُلْطَانُ الرَّجُلِ عَلَى مَالِهِ لاَ يَفْتَرِقَانِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى } إنَّمَا هُوَ اخْتَبِرُوا الْيَتَامَى قَالَ فَيَخْتَبِرُ الرِّجَالُ النِّسَاءَ بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُ فِيهِمْ وَالرَّجُلُ الْمُلاَزِمُ لِلسُّوقِ وَالْمُخَالِطُ لِلنَّاسِ فِي الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَمَعَهُ وَبَعْدَهُ لاَ يَغِيبُ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَنْ يُعْرَفَ حَالُهُ بِمَا مَضَى قَبْلَهُ وَمَعَهُ وَبَعْدَهُ فَيُعْرَفُ كَيْفَ هُوَ فِي عَقْلِهِ فِي الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ ؟ وَكَيْفَ هُوَ فِي دَيْنِهِ ؟ وَالرَّجُلُ الْقَلِيلُ الْمُخَالَطَةِ لِلنَّاسِ يَكُونُ اخْتِبَارُهُ أَبْطَأَ مِنْ اخْتِبَارِ هَذَا الَّذِي وَصَفْت فَإِذَا عَرَفَهُ خَاصَّتُهُ فِي مُدَّةٍ وَإِنْ كَانَتْ أَطْوَلَ مِنْ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَعَدَّلُوهُ وَحَمِدُوا نَظَرَهُ لِنَفْسِهِ فِي الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ وَشَهِدُوا لَهُ أَنَّهُ صَالِحٌ فِي دِينِهِ حَسَنُ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ فِي مَالِهِ فَقَدْ صَارَ هَذَانِ إلَى الرُّشْدِ فِي الدِّينِ وَالْمَعَاشِ وَيُؤْمَرُ وَلِيُّهُمَا بِدَفْعِ مَالِهِمَا إلَيْهِمَا .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِذَا اخْتَبَرَ النِّسَاءَ أَهْلُ الْعَدْلِ مَنْ أَهْلِهَا وَمِنْ يَعْرِفُ حَالَهَا بِالصَّلاَحِ فِي دِينِهَا وَحُسْنَ النَّظَرِ لِنَفْسِهَا فِي الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ صَارَتْ فِي حَالِ الرَّجُلَيْنِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهَا أَبْطَأَ مِنْهُ مِنْ الرَّجُلَيْنِ لِقِلَّةِ خِلْطَتِهَا بِالْعَامَّةِ وَهُوَ مِنْ الْمُخَالَطَةِ مِنْ النِّسَاءِ الْخَارِجَةِ إلَى الْأَسْوَاقِ الْمُمْتَهِنَةِ لِنَفْسِهَا أَعْجَلُ مِنْهُ مِنْ الصَّائِنَةِ لِنَفْسِهَا كَمَا يَكُونُ مِنْ أَحَدِ الرَّجُلَيْنِ أَبْعَدَ فَإِذَا بَلَغَتْ الْمَرْأَةُ الرُّشْدَ وَالرُّشْدُ كَمَا وَصَفْت فِي@

الصفحة 459