كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

ثُمَّ يُؤَدِّيَ ذَلِكَ عَنْهُ صُلْحًا فَيَكُونُ صَحِيحًا , وَلَيْسَ لِلَّذِي أَعْطَى عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُصَالِحِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ , وَلاَ لِلْمُصَالَحِ الْمُدَّعِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ قَدْ أَخَذَ الْعِوَضَ مِنْ حَقِّهِ إلَّا أَنْ يَعْقِدَا صُلْحَهُمَا عَلَى فَسَادٍ فَيَكُونُونَ كَمَا كَانُوا فِي أَوَّلِ مَا تَدَاعَوْا قَبْلَ الصُّلْحِ . قَالَ : وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ حَقًّا فِي دَارٍ فَأَقَرَّ لَهُ بِدَعْوَاهُ وَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ بَزٍّ مَوْصُوفٍ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ مَوْصُوفَةٍ أَوْ طَعَامٍ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى كَانَ الصُّلْحُ جَائِزًا كَمَا يَجُوزُ لَوْ بِيعَ ذَلِكَ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ , وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ شِقْصًا مِنْ دَارٍ فَأَقَرَّ لَهُ بِهِ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى أَنْ أَعْطَاهُ بِذَلِكَ بَيْتًا مَعْرُوفًا مِنْ الدَّارِ مِلْكًا لَهُ أَوْ سُكْنَى لَهُ عَدَدَ سِنِينَ فَذَلِكَ جَائِزٌ كَمَا يَجُوزُ لَوْ اقْتَسَمَاهُ أَوْ تَكَارَى شِقْصًا لَهُ فِي دَارٍ , وَلَكِنَّهُ لَوْ قَالَ أُصَالِحُك عَلَى سُكْنَى هَذَا الْمَسْكَنِ , وَلَمْ يُسَمِّ وَقْتًا كَانَ الصُّلْحُ فَاسِدًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ هَذَا لاَ يَجُوزُ كَمَا لَوْ ابْتَدَأَهُ حَتَّى يَكُونَ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَهَكَذَا لَوْ صَالَحَهُ عَلَى أَنْ يُكْرِيَهُ هَذِهِ الْأَرْضَ سِنِينَ يَزْرَعُهَا أَوْ عَلَى شِقْصٍ مِنْ دَارٍ أُخْرَى سَمَّى ذَلِكَ وَعَرَفَ جَازَ كَمَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ وَالْكِرَاءِ وَإِذَا لَمْ يُسَمِّهِ لَمْ يَجُزْ كَمَا لاَ يَجُوزُ فِي الْبُيُوعِ وَالْكِرَاءِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً أَشْرَعَ ظُلَّةً أَوْ جَنَاحًا عَلَى طَرِيقٍ نَافِذَةٍ فَخَاصَمَهُ رَجُلٌ ; لِيَمْنَعَهُ مِنْهُ فَصَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ عَلَى أَنْ يَدَعَهُ كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلاً ; لِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ عَلَى مَا لاَ يَمْلِكُ وَنُظِرَ فَإِنْ كَانَ إشْرَاعُهُ غَيْرَ مُضِرٍّ خُلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ , وَإِنْ كَانَ مُضِرًّا مَنَعَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ إشْرَاعَهُ عَلَى طَرِيقٍ لِرَجُلٍ خَاصَّةً لَيْسَ بِنَافِذٍ أَوْ لِقَوْمٍ فَصَالَحَهُ أَوْ صَالَحُوهُ عَلَى شَيْءٍ أَخَذُوهُ مِنْهُ عَلَى أَنْ يَدَعُوهُ يَشْرَعُهُ كَانَ الصُّلْحُ فِي هَذَا بَاطِلاً مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ إنَّمَا أَشْرَعَ فِي جِدَارِ نَفْسِهِ وَعَلَى هَوَاءٍ لاَ يَمْلِكُ مَا تَحْتَهُ , وَلاَ مَا فَوْقَهُ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُثَبِّتَ خَشَبَةً وَيَصِحُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ الشَّرْطُ ; فَلْيَجْعَلْ ذَلِكَ فِي خَشَبٍ يَحْمِلُهُ عَلَى@

الصفحة 465