كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)
فَأَعْتَقَهُ السَّيِّدُ كَانَ الْعِتْقُ جَائِزًا وَكَانَتْ الْخِدْمَةُ عَلَيْهِ إلَى مُنْتَهَى السَّنَةِ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى السَّيِّدِ ; لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ عِنْدَنَا لاَ نَنْقُضُهُ مَا دَامَ الْمُسْتَأْجِرُ سَالِمًا . قَالَ : وَلِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ أَنْ يُخْدِمَهُ غَيْرَهُ وَيُؤَاجِرَهُ غَيْرَهُ فِي مِثْلِ عَمَلِهِ , وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ الْمِصْرِ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ . وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ فِي دَارٍ دَعْوَى فَأَقَرَّ بِهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ , وَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى عَبْدٍ قِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ وَالْعَبْدُ بِعَيْنِهِ فَلَمْ يَقْبِضْ الْمُصَالِحُ الْعَبْدَ حَتَّى جَنَى عَلَى حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ فَسَوَاءٌ ذَلِكَ كُلُّهُ وَلِلْمُصَالِحِ الْخِيَارُ فِي أَنْ يَقْبِضَ الْعَبْدَ ثُمَّ يَفْدِيَهُ أَوْ يُسَلِّمَهُ فَيُبَاعَ أَوْ يَرُدَّهُ عَلَى سَيِّدِهِ وَيَنْقُضَ الصُّلْحَ , وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجِيزَ مِنْ الصُّلْحِ بِقَدْرِ الْمِائَةِ , وَلَوْ كَانَ قَبَضَهُ ثُمَّ جَنَى فِي يَدَيْهِ كَانَ الصُّلْحُ جَائِزًا وَكَانَ كَعَبْدٍ اشْتَرَاهُ ثُمَّ جَنَى فِي يَدَيْهِ قَالَ : وَلَوْ كَانَ وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا لَمْ يَكُنْ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَحْبِسَ الْمِائَةَ ; لِأَنَّهَا صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ لاَ يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا إلَّا مَعًا , وَلاَ يُجِيزَهَا إلَّا مَعًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ ذَلِكَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ , وَلَوْ كَانَ اسْتَحَقَّ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ فِي أَنْ يَأْخُذَ الْمِائَةَ بِنِصْفِ الصُّلْحِ وَيَرُدَّ نِصْفَهُ ; لِأَنَّ الصَّفْقَةَ وَقَعَتْ عَلَى شَيْئَيْنِ . أَحَدُهُمَا : لَيْسَ لِلْبَائِعِ , وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي إمْسَاكُهُ , وَلَهُ فِي الْعَيْبِ إمْسَاكُهُ إنْ شَاءَ .
( قَالَ الرَّبِيعُ ) : أَصْلُ قَوْلِهِ إنَّهُ إذَا اسْتَحَقَّ بَعْضَ الْمُصَالَحِ بِهِ أَوْ الْبَيْعَ بِهِ بَطَلَ الصُّلْحُ وَالْبَيْعُ جَمِيعًا ; لِأَنَّ الصَّفْقَةَ جَمَعَتْ شَيْئَيْنِ حَلاَلاً وَحَرَامًا فَبَطَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَوْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ فِي الْعَيْبِ فِي الدَّرَاهِمِ وَإِنَّمَا بَاعَهُ بِالدَّرَاهِمِ بِأَعْيَانِهَا كَانَ كَهُوَ فِي الْعَبْدِ , وَلَوْ بَاعَهُ بِدَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ رَجَعَ بِدَرَاهِمَ مِثْلِهَا , وَلَوْ كَانَ الصُّلْحُ بِعَبْدٍ وَزَادَهُ الْآخِذُ لِلْعَبْدِ ثَوْبًا فَاسْتَحَقَّ الْعَبْدُ انْتَقَضَ الصُّلْحُ , وَكَانَ عَلَى دَعْوَاهُ , وَأَخَذَ ثَوْبَهُ الَّذِي زَادَهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ إنْ وَجَدَهُ قَائِمًا أَوْ قِيمَتَهُ إنْ وُجِدَ مُسْتَهْلَكًا , وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَتَقَابَضَا وَجُرِحَ الْعَبْدُ جُرْحًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الصُّلْحَ وَهَذَا مِثْلُ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ جُرِحَ عِنْدَهُ . قَالَ : وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فِي الْعَبْدِ وَالثَّوْبِ فَوَجَدَ بِالثَّوْبِ عَيْبًا فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَهُ أَوْ يَرُدَّهُ وَيُنْتَقَضُ الصُّلْحُ لاَ يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّ بَعْضَ الصَّفْقَةِ دُونَ بَعْضٍ , وَلَوْ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ انْتَقَضَ الصُّلْحُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَأْخُذَ مَا مَعَ الْعَبْدِ , وَلاَ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ@
الصفحة 471