كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

يُمَلَّحَ وَيُجَفَّفَ وَيَنْتَهِي نُقْصَانُهُ وَجُفُوفُ مَا كَثُرَ لَحْمُهُ مِنْهُ أَنْ يُمَلَّحَ وَيَسِيلَ مَاؤُهُ فَذَلِكَ انْتِهَاءُ جُفُوفِهِ فَإِذَا انْتَهَى بِيعَ رَطْلاً بِرَطْلٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ يَدًا بِيَدٍ مِنْ صِنْفٍ فَإِذَا اخْتَلَفَ فَلاَ بَأْسَ بِالْفَضْلِ فِي بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ يَدًا بِيَدٍ , وَلاَ خَيْرَ فِيهِ نَسِيئَةً . وَمَا رَقَّ لَحْمُهُ مِنْ الْحِيتَانِ إذَا وُضِعَ جَفَّ جُفُوفًا شَدِيدًا فَلاَ خَيْرَ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَبْلُغَ إبَّانَهُ مِنْ الْجُفُوفِ وَيُبَاعُ الصِّنْفُ مِنْهُ بِمِثْلِهِ وَزْنًا بِوَزْنٍ يَدًا بِيَدٍ , وَإِذَا اخْتَلَفَ فَالْقَوْلُ فِيهِ كَمَا وَصَفْت قَبْلَهُ يُبَاعُ رَطْبًا جُزَافًا بِرَطْبٍ جُزَافٍ وَيَابِسٍ جُزَافٍ وَمُتَفَاضِلٍ فِي الْوَزْنِ فَعَلَى هَذَا , هَذَا الْبَابُ كُلُّهُ وَقِيَاسُهُ لاَ يَخْتَلِفُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي فِي هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يُقَالَ اللَّحْمُ كُلُّهُ صِنْفٌ كَمَا أَنَّ التَّمْرَ كُلَّهُ صِنْفٌ وَمَنْ قَالَ هَذَا لَزِمَهُ عِنْدِي أَنْ يَقُولَ فِي الْحِيتَانِ ; لِأَنَّ اسْمَ اللَّحْمِ جَامِعٌ لِهَذَا الْقَوْلِ وَمَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ لَزِمَهُ إذَا أَخَذَهُ بِجِمَاعِ اللَّحْمِ أَنْ يَقُولَ هَذَا كَجِمَاعِ الثَّمَرِ يَجْعَلُ الزَّبِيبَ وَالتَّمْرَ وَغَيْرَهُ مِنْ الثِّمَارِ صِنْفًا وَهَذَا مِمَّا لاَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَهُ عِنْدِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ , فَإِنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ حَالِفًا لَوْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَأْكُلَ لَحْمًا حَنِثَ بِلَحْمِ الْإِبِلِ حِنْثَهُ بِلَحْمِ الْغَنَمِ فَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَأْكُلَ ثَمَرًا حَنِثَ بِالزَّبِيبِ حِنْثَهُ بِالتَّمْرِ وَحِنْثَهُ بِالْفِرْسِكِ وَلَيْسَ الْأَيْمَانُ مِنْ هَذَا بِسَبِيلِ الْأَيْمَانِ عَلَى الْأَسْمَاءِ وَالْبُيُوعِ عَلَى الْأَصْنَافِ وَالْأَسْمَاءُ الْخَاصَّةُ دُونَ الْأَسْمَاءِ الْجَامِعَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
بَابُ مَا يَكُونُ رَطْبًا أَبَدًا
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله الصِّنْفُ مِنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ الَّذِي يَكُونُ رَطْبًا أَبَدًا إذَا تُرِكَ لَمْ يَيْبَسْ مِثْلُ الزَّيْتِ وَالسَّمْنِ وَالشَّيْرَجِ وَالْأَدْهَانِ وَاللَّبَنِ وَالْخَلِّ وَغَيْرِهِ مِمَّا لاَ يَنْتَهِي بِيُبْسٍ فِي مُدَّةٍ جَاءَتْ عَلَيْهِ أَبَدًا إلَّا أَنْ يَبْرُدَ فَيَجْمُدَ بَعْضُهُ ثُمَّ يَعُودُ ذَائِبًا كَمَا كَانَ أَوْ بِأَنْ يَنْقَلِبَ بِأَنْ يُعْقَدَ عَلَى نَارٍ أَوْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ يَابِسٌ فَيَصِيرُ هَذَا يَابِسًا بِغَيْرِهِ وَعَقْدِ نَارٍ فَهَذَا الصِّنْفُ خَارِجٌ مِنْ مَعْنَى مَا يَكُونُ رَطْبًا بِمَعْنَيَيْنِ@

الصفحة 48