كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

الْقِصَاصُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِهِمَا مِنْ قِبَلِ أَنَّ عَلَيْهِمَا فَرْضًا فِي أَنْفُسِهِمَا وَإِنَّ مِنْ فَرْضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْقِصَاصَ فَلَمَّا فَرَضَ اللَّهُ الْقِصَاصَ دَلَّ عَلَى أَنَّ لِوَلِيِّ الْقِصَاصِ أَنْ يَعْفُوَ الْقِصَاصَ وَيَأْخُذَ الْعَقْلَ , وَدَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ فَلَزِمَ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِمَا الْبَالِغَيْنِ مَا أَقَرَّا بِهِ وَكَانَ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ الْخِيَارُ فِي الْقِصَاصِ وَعَفْوِهِ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ مَكَانَهُ . وَهَكَذَا الْعَبْدُ الْبَالِغُ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ جُرْحٍ أَوْ نَفْسٍ فِيهَا قِصَاصٌ فَلِوَلِيِّ الْقَتِيلِ أَوْ الْمَجْرُوحِ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ أَوْ يَعْفُوَ الْقِصَاصَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْعَقْلُ فِي عِتْقِ الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَالاً لِلسَّيِّدِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِجِنَايَةٍ عَمْدًا لاَ قِصَاصَ فِيهَا أَوْ خَطَأً لَمْ يَلْزَمْهُ فِي حَالِ الْعُبُودِيَّةِ مِنْهَا شَيْءٌ وَيَلْزَمُهُ إذَا عَتَقَ يَوْمًا مَا فِي مَالِهِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَمَا أَقَرَّ بِهِ الْمَحْجُورَانِ مِنْ غَصْبٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ حَدٌّ بَطَلَ عَنْهُمَا مَعًا فَيَبْطُلُ عَنْ الْمَحْجُورَيْنِ الْحُرَّيْنِ بِكُلِّ حَالٍ وَيَبْطُلُ عَنْ الْعَبْدِ فِي حَالِ الْعُبُودِيَّةِ وَيَلْزَمُهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا إذَا عَتَقَ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا أَبْطَلْتُهُ عَنْهُ ; لِأَنَّهُ لاَ مِلْكَ لَهُ فِي حَالِ الْعُبُودِيَّةِ لاَ مِنْ جِهَةِ حَجْرِي عَلَى الْحُرِّ فِي مَالِهِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَسَوَاءٌ مَا أَقَرَّ بِهِ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ غَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهَا , وَالْعَاقِلُ مِنْ الْعَبِيدِ وَالْمُقَصِّرُ إذَا كَانَ بَالِغًا غَيْرَ مَغْلُوبٍ عَلَى عَقْلِهِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إلَّا مَا أَقَرَّ بِهِ الْعَبْدُ فِيمَا وُكِّلَ بِهِ وَأُذِنَ لَهُ فِيهِ مِنْ التِّجَارَةِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِذَا أَقَرَّ الْحُرَّانِ الْمَحْجُورَانِ وَالْعَبْدُ بِسَرِقَةٍ فِي مِثْلِهَا الْقَطْعُ قُطِعُوا مَعًا , وَلَزِمَ الْحُرَّيْنِ غُرْمُ السَّرِقَةِ فِي أَمْوَالِهِمَا , وَالْعَبْدُ فِي عُنُقِهِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَوْ بَطَلَتْ الْغُرْمُ عَنْ الْمَحْجُورَيْنِ لِلْحَجْرِ وَالْعَبْدِ لِأَنَّهُ يُقِرُّ فِي رَقَبَتِهِ لَمْ أَقْطَعْ وَاحِدًا مِنْهُمَا ; لِأَنَّهُمَا لاَ يَبْطُلاَنِ إلَّا مَعًا , وَلاَ يَحِقَّانِ إلَّا مَعًا .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَوْ أَقَرُّوا مَعًا بِسَرِقَةٍ بَالِغَةٍ مَا بَلَغَتْ لاَ قَطْعَ فِيهَا . أَبْطَلْتهَا عَنْهُمْ مَعًا عَنْ الْمَحْجُورَيْنِ ; لِأَنَّهُمَا مَمْنُوعَانِ مِنْ أَمْوَالِهِمَا وَعَنْ الْعَبْدِ ; لِأَنَّهُ يُقِرُّ فِي عُنُقِهِ بِلاَ حَدٍّ فِي بَدَنِهِ وَهَكَذَا مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُرْتَدُّ مِنْ هَؤُلاَءِ فِي حَالِ رِدَّتِهِ أَلْزَمْتُهُ إيَّاهُ كَمَا أُلْزِمُهُ إيَّاهُ قَبْلَ رِدَّتِهِ .@

الصفحة 493