كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

إقْرَارُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى وَإِذَا أَقَرَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ مِنْ الرِّجَالِ , وَلاَ الْمَحِيضَ مِنْ النِّسَاءِ , وَلَمْ يَسْتَكْمِلْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِحَقٍّ لِلَّهِ أَوْ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ فِي بَدَنِهِ أَوْ مَالِهِ فَذَلِكَ كُلُّهُ سَاقِطٌ عَنْهُ ; لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إنَّمَا خَاطَبَ بِالْفَرَائِضِ الَّتِي فِيهَا الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ الْعَاقِلِينَ الْبَالِغِينَ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلاَ نَنْظُرُ فِي هَذَا إلَى الْإِثْبَاتِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ إنْ قَالَ لَمْ أَبْلُغْ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِذَا أَقَرَّ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ وَقَدْ احْتَلَمَ , وَلَمْ يَسْتَكْمِلْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَقَفَ إقْرَارُهُ فَإِنْ حَاضَ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَلاَ يَلْزَمُهُ إقْرَارُهُ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكَذَلِكَ إنْ حَاضَ , وَلَمْ يَحْتَلِمْ لاَ يَجُوزُ إقْرَارُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ بِحَالٍ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً , وَهَذَا سَوَاءٌ فِي الْأَحْرَارِ وَالْمَمَالِيكِ إذَا قَالَ سَيِّدُ الْمَمْلُوكِ أَوْ أَبُو الصَّبِيِّ : لَمْ يَبْلُغْ . وَقَالَ الْمَمْلُوكُ أَوْ الصَّبِيُّ : قَدْ بَلَغْت . فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصَّبِيِّ وَالْمَمْلُوكِ إذَا كَانَ يُشْبِهُ مَا قَالَ فَإِنْ كَانَ لاَ يُشْبِهُ مَا قَالَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَلَوْ صَدَّقَهُ أَبُوهُ . أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ وَالْعِلْمُ يُحِيطُ أَنَّ مِثْلَهُ لاَ يَبْلُغُ خَمْسَ عَشْرَةَ لَمْ يَجُزْ أَنْ أَقْبَلَ إقْرَارَهُ وَإِذَا أَبْطَلْته عَنْهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ لَمْ أُلْزِمْهُ الْحُرَّ , وَلاَ الْمَمْلُوكَ بَعْدَ الْبُلُوغِ , وَلاَ بَعْدَ الْعِتْقِ فِي الْحُكْمِ وَيَلْزَمُهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُؤَدُّوا إلَى الْعِبَادِ فِي ذَلِكَ حُقُوقَهُمْ .
إقْرَارُ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله مَنْ أَصَابَهُ مَرَضٌ مَا كَانَ الْمَرَضُ , فَغَلَبَ عَلَى عَقْلِهِ فَأَقَرَّ فِي حَالِ الْغَلَبَةِ عَلَى عَقْلِهِ فَإِقْرَارُهُ فِي كُلِّ مَا أَقَرَّ بِهِ سَاقِطٌ ; لِأَنَّهُ لاَ فَرْضَ عَلَيْهِ فِي حَالِهِ تِلْكَ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَرَضُ بِشَيْءٍ أَكَلَهُ أَوْ شَرِبَهُ لِيَتَدَاوَى بِهِ فَأَذْهَبَ عَقْلَهُ أَوْ بِعَارِضٍ لاَ يُدْرَى مَا سَبَبُهُ .@

الصفحة 494