كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

{كِتَابُ الْبُيُوعِ}
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَذَكَرَ اللَّهُ الْبَيْعَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى إبَاحَتِهِ فَاحْتَمَلَ إحْلاَلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْبَيْعَ مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ أَحَلَّ كُلَّ بَيْعِ تَبَايَعَهُ الْمُتَبَايِعَانِ جَائِزِي الْأَمْرِ فِيمَا تَبَايَعَاهُ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَهَذَا أَظْهَرُ مَعَانِيهِ.
قال: وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَحَلَّ الْبَيْعَ إذَا كَانَ مِمَّا لَمْ يَنْهَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمُبَيِّنُ عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَعْنَى مَا أَرَادَ فَيَكُونُ هَذَا مِنْ الْجُمَلِ الَّتِي أَحْكَمَ اللَّهُ فَرْضَهَا بِكِتَابِهِ وَبَيَّنَ كَيْفَ هِيَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ , أَوْ مِنْ الْعَامِّ الَّذِي أَرَادَ بِهِ الْخَاصَّ فَبَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا أُرِيدَ بِإِحْلاَلِهِ مِنْهُ وَمَا حُرِّمَ , أَوْ يَكُونُ دَاخِلاً فِيهِمَا , أَوْ مِنْ الْعَامِّ الَّذِي أَبَاحَهُ إلَّا مَا حُرِّمَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ كَمَا كَانَ الْوُضُوءُ فَرْضًا عَلَى كُلِّ مُتَوَضِّئٍ لاَ خَفِيَ عَلَيْهِ لَبْسُهُمَا عَلَى كَمَالِ الطَّهَارَةِ , وَأَيُّ هَذِهِ الْمَعَانِي كَانَ فَقَدْ أَلْزَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى خَلْقَهُ بِمَا فَرَضَ مِنْ طَاعَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بُيُوعٍ تَرَاضَى بِهَا الْمُتَبَايِعَانِ اسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَرَادَ بِمَا أَحَلَّ مِنْ الْبُيُوعِ مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَى تَحْرِيمِهِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - دُونَ مَا حَرَّمَ عَلَى لِسَانِهِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَصْلُ الْبُيُوعِ كُلِّهَا مُبَاحٌ إذَا كَانَتْ بِرِضَا الْمُتَبَايِعَيْنِ الْجَائِزَيْ الْأَمْرِ فِيمَا تَبَايَعَا إلَّا مَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهَا وَمَا كَانَ فِي مَعْنَى مَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ @

الصفحة 5