كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

مِلْكُ الْكَلْبِ , فَإِنْ مَاتَ الْكَلْبُ فِي يَدَيْهِ لَمْ أُجْبِرْهُ عَلَى دَفْعِ شَيْءٍ إلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لاَ ثَمَنَ لَهُ ; وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَهُ جِلْدَ مَيْتَةٍ غَيْرِ مَدْبُوغٍ جَبَرْته عَلَى دَفْعِهِ إلَيْهِ , فَإِنْ فَاتَ لَمْ أُجْبِرْهُ عَلَى دَفْعِ قِيمَتِهِ إلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لاَ ثَمَنَ لَهُ مَا لَمْ يُدْبَغْ فَإِنْ كَانَ مَدْبُوغًا دَفَعَهُ إلَيْهِ أَوْ قِيمَتَهُ إنْ فَاتَ ; لِأَنَّ ثَمَنَهُ يَحِلُّ إذَا دُبِغَ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَهُ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا لَمْ أُجْبِرْهُ عَلَى دَفْعِهِ إلَيْهِ , وَأَهْرَقْت عَلَيْهِ الْخَمْرَ وَذَبَحْت الْخِنْزِيرَ , وَأَلْغَيْته إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا , وَلاَ ثَمَنَ لِهَذَيْنِ , وَلاَ يَحِلُّ أَنْ يُمْلَكَا بِحَالٍ . وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَهُ حِنْطَةً فَفَاتَتْ رَدَّ إلَيْهِ مِثْلَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِثْلٌ فَقِيمَتُهَا , وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا لَهُ مِثْلٌ يُرَدُّ مِثْلُهُ , فَإِنْ فَاتَ يُرَدُّ قِيمَتُهُ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ الْكَثِيرُ الْمَالِ غَصَبْت فُلاَنًا لِرَجُلٍ كَثِيرِ الْمَالِ شَيْئًا أَوْ شَيْئًا لَهُ بَالٌ فَهُوَ كَالْفَقِيرِ يُقِرُّ لِلْفَقِيرِ , وَأَيُّ شَيْءٍ أَقَرَّ بِهِ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ شَيْءٍ فَلْسٍ أَوْ حَبَّةٍ حِنْطَةٍ أَوْ غَيْرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ . فَإِنْ قَالَ : غَصَبْته أَشْيَاءَ قِيلَ أَدِّ إلَيْهِ ثَلاَثَةَ أَشْيَاءَ ; لِأَنَّهَا أَقَلُّ ظَاهِرِ الْجِمَاعِ فِي كَلاَمِ النَّاسِ , وَأَيُّ ثَلاَثَةِ أَشْيَاءَ قَالَ هِيَ هِيَ فَهِيَ هِيَ مُخْتَلِفَةٌ فَإِنْ قَالَ هِيَ ثَلاَثَةُ أَفْلُسٍ أَوْ هِيَ فَلْسٌ وَدِرْهَمٌ وَتَمْرَةٌ أَوْ هِيَ ثَلاَثُ تَمَرَاتٍ أَوْ هِيَ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ أَوْ ثَلاَثَةُ أَعْبُدَ أَوْ عَبْدٌ , وَأَمَةٌ وَحِمَارٌ ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ شَيْءٍ اخْتَلَفَتْ أَوْ اتَّفَقَتْ فَسَوَاءٌ , وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُك , وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ أَوْ غَصَبْتُك مَا تَعْلَمُ لَمْ أُلْزِمْهُ بِهَذَا شَيْئًا ; لِأَنَّهُ قَدْ يَغْصِبُهُ نَفْسَهُ فَيُدْخِلُهُ الْمَسْجِدَ أَوْ الْبَيْتَ لِغَيْرِ مَكْرُوهٍ وَيَغْصِبُهُ فَيَمْنَعُهُ بَيْتَهُ فَلاَ أُلْزِمُهُ حَتَّى يَقُولَ غَصَبْتُك شَيْئًا , وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُك شَيْئًا فَقَالَ عَنَيْت نَفْسَك لَمْ أَقْبَلْ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ إذَا قَالَ غَصَبْتُك شَيْئًا , فَإِنَّمَا ظَاهِرُهُ غَصَبْت مِنْك شَيْئًا , وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُك وَغَصَبْتُك مِرَارًا كَثِيرَةً لَمْ أُلْزِمْهُ شَيْئًا ; لِأَنَّهُ قَدْ يَغْصِبُهُ نَفْسَهُ كَمَا وَصَفْت . قَالَ : وَلَوْ سُئِلَ فَقَالَ : لَمْ أَغْصِبْهُ شَيْئًا , وَلاَ نَفْسَهُ لَمْ أُلْزِمْهُ شَيْئًا ; لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ غَصَبَهُ شَيْئًا .@

الصفحة 507