كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)
قَالَ : وَإِذَا غَصَبَ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ الْجَارِيَةَ فَبَاعَهَا مِنْ آخَرَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ فِي يَدَيْهِ ثُمَّ جَاءَ رَبُّ الْجَارِيَةِ وَالْجَارِيَةُ قَائِمَةٌ أَخَذَ الْجَارِيَةَ وَشَيْئًا إنْ كَانَ نَقَصَهَا وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي قَبَضَ مِنْهُ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا .
قَالَ : وَإِذَا غَصَبَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ دَابَّةً أَوْ أَكْرَاهُ إيَّاهَا , فَتَعَدَّى فَضَاعَتْ فِي تَعَدِّيهِ فَضَمَّنَهُ رَبُّ الدَّابَّةِ الْمَغْصُوبُ أَوْ الْمُكْرَى قِيمَةَ دَابَّتِهِ ثُمَّ ظَفِرَ بِالدَّابَّةِ بَعْدُ فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ قَالَ لاَ سَبِيلَ لَهُ عَلَى الدَّابَّةِ , وَلَوْ كَانَتْ جَارِيَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيلٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ أَخَذَ الْبَدَلَ مِنْهَا وَالْبَدَلُ يَقُومُ مَقَامَ الْبَيْعِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِذَا ظَهَرَ عَلَى الدَّابَّةِ رَدَدْت عَلَيْهِ الدَّابَّةَ وَرَدَّ مَا قَبَضَ مِنْ ثَمَنِهَا إنْ كَانَتْ دَابَّتُهُ بِحَالِهَا يَوْمَ غَصَبَهَا أَوْ تَعَدَّى بِهَا أَوْ خَيْرِهَا حَالاً فَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً قَبَضَهَا وَمَا نَقَصَتْ وَرَدَّ الْفَضْلَ عَنْ نُقْصَانِهَا مِنْ الثَّمَنِ , وَلاَ يُشْبِهُ هَذَا الْبُيُوعَ إنَّمَا الْبُيُوعُ بِمَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ فَسَلَّمَ لَهُ رَبُّ السِّلْعَةِ سِلْعَتَهُ , وَأَخْرَجَهَا مِنْ يَدَيْهِ إلَيْهِ رَاضِيًا بِإِخْرَاجِهَا , وَالْمُشْتَرِي غَيْرُ عَاصٍ فِي أَخْذِهَا وَالْمُتَعَدِّي عَاصٍ فِي التَّعَدِّي وَالْغَصْبِ , وَرَبُّ الدَّابَّةِ غَيْرُ بَائِعٍ لَهُ دَابَّتَهُ . أَلاَ تَرَى أَنَّ الدَّابَّةَ لَوْ كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُ قِيمَتِهَا فَلَمَّا كَانَ إنَّمَا أَخَذَ الْقِيمَةَ عَلَى أَنَّ دَابَّتَهُ فَائِتَةٌ ثُمَّ وَجَدَ الدَّابَّةَ كَانَ الْفَوْتُ قَدْ بَطَلَ وَكَانَتْ الدَّابَّةُ مَوْجُودَةً , وَلَوْ كَانَ هَذَا بَيْعًا مَا جَازَ أَنْ تُبَاعَ دَابَّتُهُ غَائِبَةً , وَلَوْ جَازَ فَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ كَانَ لِلْغَاصِبِ وَالْمُتَعَدِّي أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ , وَلَوْ وُجِدَتْ مَعِيبَةً كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِالْعَيْبِ فَإِنْ قَالَ رَجُلٌ : فَهِيَ لاَ تُشْبِهُ الْبُيُوعَ , وَلَكِنَّهَا تُشْبِهُ الْجِنَايَاتِ . قِيلَ لَهُ : أَفَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلاً جَنَى عَلَى عَيْنِ رَجُلٍ فَابْيَضَّتْ فَحُكِمَ لَهُ بِأَرْشِهَا ثُمَّ ذَهَبَ الْبَيَاضُ فَقَائِلُ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ يَرُدُّهُ بِالْأَرْشِ وَيَرُدُّهُ , وَلَوْ حُكِمَ لَهُ فِي سِنٍّ قُلِعَتْ مِنْ صَبِيٍّ بِخَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ ثُمَّ نَبَتَتْ رَجَعَ بِالْأَرْشِ الَّذِي حُكِمَ بِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ شَبَّهَهَا بِالْجِنَايَاتِ فَهَذَا يَلْزَمُهُ فِيهِ اخْتِلاَفُ الْقَوْلِ وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهَا لاَ تُشْبِهُ الْجِنَايَاتِ ; لِأَنَّ الْجِنَايَاتِ مَا فَاتَ فَلَمْ يَعُدْ فَهَذِهِ قَدْ عَادَتْ فَصَارَتْ غَيْرَ فَائِتَةٍ . وَلَوْ كَانَ هَذَا بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ فَاغْتَصَبَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ دَابَّةً أَوْ أَكْرَاهُ إيَّاهَا فَتَعَدَّى@
الصفحة 529