كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)
وَلاَ يُصَدَّقُ فِي إبْطَالِ حَقِّ غَيْرِهِ وَيُصَدَّقُ عَلَى نَفْسِهِ فَيَضْمَنُ لَك قِيمَةَ أَيِّهِمَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ غَصَبَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَ الْمُشْتَرِي الْعَيْبَ أَوْ يَكُونَ لَهُ خِيَارٌ فَيَرُدَّهُ بِخِيَارِهِ فِي الْعَيْبِ وَخِيَارِهِ فِي الشَّرْطِ فَإِذَا رَدَّهُ كَانَ عَلَى الْمُقِرِّ أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَيْك , وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ غَاصِبٌ رَدَّهُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ إنْ شَاءَ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِذَا اغْتَصَبَ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ عَبْدًا فَبَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ مَلَّكَ الْمُغْتَصِبُ الْبَائِعَ ذَلِكَ الْعَبْدَ بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ بِشِرَاءٍ صَحِيحٍ أَوْ وَجْهِ مِلْكٍ مَا كَانَ ثُمَّ أَرَادَ نَقْضَ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ ; لِأَنَّهُ بَاعَ مَا لاَ يَمْلِكُ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ فَالْبَيْعُ مُنْتَقَضٌ أَرَادَهُ أَوْ لَمْ يُرِدْهُ ; لِأَنَّهُ بَاعَ مَا لاَ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَقَالَ الْمُشْتَرِي : إنَّمَا ادَّعَيْت مَا يُفْسِدُ الْبَيْعَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ . فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ : بِعْتُك مَا أَمْلِكُ ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ اغْتَصَبَهُ ثُمَّ مَلَكَهُ , وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُشْتَرِي ثَبَتَ الْبَيْعُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ إنَّمَا تَشْهَدُ فِي هَذَا الْوَقْتِ لِلْبَائِعِ لاَ عَلَيْهِ فَتَشْهَدُ لَهُ بِمَا يَرْجِعُ بِهِ الْعَبْدُ إلَى مِلْكِهِ فَيَكُونُ مَشْهُودًا لَهُ لاَ عَلَيْهِ . وَقَدْ أُكَذِّبُهُمْ فَلاَ يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ فِي الْحُكْمِ لِإِكْذَابِهِ بَيِّنَتَهُ , وَيَنْبَغِي فِي الْوَرَعِ أَنْ يُجَدِّدَا بَيْعًا أَوْ يَرُدَّهُ الْمُشْتَرِي . قَالَ : وَإِنْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ شَهِدَتْ فَكَانَ ذَلِكَ يُخْرِجُهُ مِنْ أَيْدِيهِمَا جَمِيعًا قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ ; لِأَنَّهَا عَلَيْهِ . قَالَ : وَإِنْ بَاعَهُ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِغَصْبٍ وَكَانَ الْمَغْصُوبُ أَوْ وَرَثَتُهُ قِيَامًا رُدَّ الْعِتْقُ ; لِأَنَّ الْبَيْعَ كَانَ فَاسِدًا وَيُرَدُّ إلَى الْمَغْصُوبِ , وَلَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَصَدَّقَ الْغَاصِبُ وَالْمُشْتَرِي الْمُدَّعِيَ أَنَّهُ غَصَبَهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْعِتْقِ وَمَضَى الْعِتْقُ وَرَدَدْنَا الْمَغْصُوبَ عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ فِي أَكْثَرِ مَا كَانَ قِيمَةً وَإِنْ أَحَبَّ رَدَدْنَاهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمُعْتِقِ فَإِنْ رَدَدْنَاهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمُعْتِقِ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ الْبَائِعِ بِمَا أُخِذَ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ مَا لاَ يَمْلِكُ وَالْوَلاَءُ مَوْقُوفٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْمُعْتِقَ يُقِرُّ أَنَّهُ أَعْتَقَ مَا لاَ يَمْلِكُ .
قَالَ : وَإِذَا غَصَبَ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ الْجَارِيَةَ فَبَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ وَالْمُشْتَرِي يَعْلَمُ أَنَّهَا مَغْصُوبَةٌ ثُمَّ جَاءَ الْمَغْصُوبُ فَأَرَادَ الْبَيْعَ لَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ جَائِزًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ أَصْلَ الْبَيْعِ كَانَ مُحَرَّمًا فَلاَ يَكُونُ لِأَحَدٍ إجَازَةُ الْمُحَرَّمِ , وَيَكُونُ لَهُ تَجْدِيدُ بَيْعٍ حَلاَلٍ هُوَ غَيْرُ الْحَرَامِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ امْرَأً بَاعَ جَارِيَةً لَهُ وَشَرَطَ نَفْسُهُ فِيهَا الْخِيَارَ أَمَا كَانَ@
الصفحة 531