كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

كَانَ أَعْلَفَهَا أَوْ هَنَّأَهَا وَهِيَ جُرْبٌ أَوْ اسْتَأْجَرَ عَلَيْهَا مِنْ حِفْظِهَا أَوْ سَقَى الْأَصْلَ فَلاَ شَيْءَ لَهُ فِي ذَلِكَ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَأَصْلُ مَا يُحْدِثُ الْغَاصِبُ فِيمَا اغْتَصَبَ شَيْئَانِ . أَحَدُهُمَا : عَيْنٌ مَوْجُودَةٌ تُمَيَّزُ وَعَيْنٌ مَوْجُودَةٌ لاَ تُمَيَّزُ . وَالثَّانِي : أَثَرٌ لاَ عَيْنٌ مَوْجُودَةٌ . فَأَمَّا الْأَثَرُ : الَّذِي لَيْسَ بِعَيْنٍ مَوْجُودَةٍ فَمِثْلُ مَا وَصَفْنَا مِنْ الْمَاشِيَةِ يَغْصِبُهَا صِغَارًا وَالرَّقِيقُ يَغْصِبُهُمْ صِغَارًا بِهِمْ مَرَضٌ فَيُدَاوِيهِمْ وَتَعْظُمُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ صَاحِبُهُمْ وَقَدْ أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ أَضْعَافَ أَثْمَانِهِمْ , وَإِنَّمَا مَالُهُ فِي أَثَرٍ عَلَيْهِمْ لاَ عَيْنٍ . أَلاَ تَرَى أَنَّ النَّفَقَةَ فِي الدَّوَابِّ وَالْأَعْبُدِ إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ صَلُحَ بِهِ الْجَسَدُ لاَ شَيْءٌ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ مَعَ الْجَسَدِ , وَإِنَّمَا هُوَ أَثَرٌ ؟ وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ يَغْسِلُهُ وَيُكْمِدُهُ وَكَذَلِكَ الطِّينُ يَغْصِبُهُ فَيَبُلُّهُ بِالْمَاءِ ثُمَّ يَضْرِبُهُ لَبَنًا فَإِنَّمَا هَذَا كُلُّهُ أَثَرٌ لَيْسَ بِعَيْنٍ مِنْ مَالِهِ وُجِدَ فَلاَ شَيْءَ لَهُ فِيهِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْنٍ تَتَمَيَّزُ فَيُعْطَاهُ , وَلاَ عَيْنٍ تَزِيدُ فِي قِيمَتِهِ , وَلاَ هُوَ مَوْجُودٌ كَالصَّبْغِ فِي الثَّوْبِ فَيَكُونُ شَرِيكًا لَهُ وَالْعَيْنُ الْمَوْجُودَةُ الَّتِي لاَ تَتَمَيَّزُ أَنْ يَغْصِبَ الرَّجُلُ الثَّوْبَ الَّذِي قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَيَصْبُغُهُ بِزَعْفَرَانٍ فَيَزِيدُ فِي قِيمَتِهِ خَمْسَةٌ فَيُقَالُ لِلْغَاصِبِ : إنْ شِئْت أَنْ تَسْتَخْرِجَ الزَّعْفَرَانَ عَلَى أَنَّك ضَامِنٌ لِمَا نَقَصَ مِنْ الثَّوْبِ وَإِنْ شِئْت فَأَنْتَ شَرِيكٌ فِي الثَّوْبِ لَك ثُلُثُهُ وَلِصَاحِبِ الثَّوْبِ ثُلُثَاهُ , وَلاَ يَكُونُ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ وَهَكَذَا كُلُّ صَبْغٍ كَانَ قَائِمًا فَزَادَ فِيهِ , وَإِنْ صَبَغَهُ بِصَبْغٍ يَزِيدُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الصَّبْغَ فَإِنَّمَا يُقَوَّمُ الثَّوْبُ فَإِنْ كَانَ الصَّبْغُ زَائِدًا فِي قِيمَتِهِ شَيْئًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَهَكَذَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ زَائِدٍ فِي قِيمَتِهِ قِيلَ لَهُ لَيْسَ لَك هَهُنَا مَالٌ زَادَ فِي مَالِ الرَّجُلِ فَتَكُونُ شَرِيكًا لَهُ بِهِ فَإِنْ شِئْت فَاسْتَخْرِجْ الصَّبْغَ عَلَى أَنَّك ضَامِنٌ لِمَا نَقَصَ الثَّوْبَ وَإِنْ شِئْت فَدَعْهُ . قَالَ : وَإِنْ كَانَ الصَّبْغُ مِمَّا يُنْقِصُ الثَّوْبَ قِيلَ لَهُ أَنْتَ أَضْرَرْت بِصَاحِبِ الثَّوْبِ , وَأَدْخَلْت عَلَيْهِ النَّقْصَ فَإِنْ شِئْت فَاسْتَخْرِجْ صَبْغَك وَتَضْمَنُ مَا نَقَصَ الثَّوْبَ وَإِنْ شِئْت@

الصفحة 534