كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)
الْأَلْوَاحُ مِثْلَ قِيمَةِ الْخَشَبَةِ أَوْ أَكْثَرَ أَخَذَهَا , وَلاَ شَيْءَ لِلْغَاصِبِ فِي زِيَادَةِ قِيمَةِ الْأَلْوَاحِ عَلَى الْخَشَبَةِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ مَالَهُ فِيهَا أَثَرٌ لاَ عَيْنٌ , وَإِنْ كَانَتْ الْأَلْوَاحُ أَقَلَّ قِيمَةً مِنْ الْخَشَبَةِ أَخَذَهَا وَفَضْلَ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ . قَالَ : وَلَوْ أَنَّهُ عَمِلَ هَذِهِ الْأَلْوَاحَ أَبْوَابًا , وَلَمْ يُدْخِلْ فِيهَا شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ كَانَ هَكَذَا , وَلَوْ أَدْخَلَ فِيهَا مِنْ عِنْدِهِ حَدِيدًا أَوْ خَشَبًا غَيْرَهَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُمَيِّزَ مَالَهُ مِنْ مَالِ الْمَغْصُوبِ ثُمَّ يَدْفَعَ إلَى الْمَغْصُوبِ مَالَهُ وَمَا نَقَصَ مَالَهُ إذَا مَيَّزَ مِنْهَا خَشَبَهُ وَحَدِيدَهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَدَعَ لَهُ ذَلِكَ مُتَطَوِّعًا . قَالَ : وَكَذَلِكَ لَوْ أَدْخَلَ لَوْحًا مِنْهَا فِي سَفِينَةٍ أَوْ بَنَى عَلَى لَوْحٍ مِنْهَا جِدَارًا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤْخَذَ بِقَلْعِ ذَلِكَ حَتَّى يُسَلِّمَهُ إلَى صَاحِبِهِ وَمَا نَقَصَهُ . قَالَ : وَكَذَلِكَ الْخَيْطُ يَخِيطُ بِهِ الثَّوْبَ وَغَيْرَهُ فَإِنْ غَصَبَهُ خَيْطًا فَخَاطَ بِهِ جُرْحَ إنْسَانٍ أَوْ حَيَوَانٍ ضَمِنَ قِيمَتَهُ , وَلَمْ يَكُنْ لِلْمَغْصُوبِ أَنْ يَنْزِعَ خَيْطَهُ مِنْ إنْسَانٍ , وَلاَ حَيَوَانٍ حَيٍّ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : مَا فَرَّقَ بَيْنَ الْخَيْطِ يُخَاطُ بِهِ الثَّوْبُ وَفِي إخْرَاجِهِ إفْسَادٌ لِلثَّوْبِ وَفِي إخْرَاجِ اللَّوْحِ إفْسَادٌ لِلْبِنَاءِ وَالسَّفِينَةِ وَفِي إخْرَاجِ الْخَيْطِ مِنْ الْجُرْحِ إفْسَادٌ لِلْجُرْحِ فَإِنْ زَعَمْت أَنَّ أَحَدَهُمَا يَخْرُجُ مَعَ الْفَسَادِ وَالْآخَرَ لاَ يَخْرُجُ مَعَ الْفَسَادِ ؟ . قِيلَ لَهُ إنَّ هَدْمَ الْجِدَارِ وَقَلْعَ اللَّوْحِ مِنْ السَّفِينَةِ وَنَقْضَ الْخِيَاطَةِ لَيْسَ بِمُحَرَّمِ عَلَى مَالِكِهَا ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا رُوحٌ تَتْلَفُ , وَلاَ تَأْلَم ; فَلَمَّا كَانَ مُبَاحًا لِمَالِكِهَا كَانَ مُبَاحًا لِرَبِّ الْحَقِّ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْهَا , وَاسْتِخْرَاجُ الْخَيْطِ مِنْ الْجُرْحِ تَلَفٌ لِلْمَجْرُوحِ , وَأَلَمٌ عَلَيْهِ وَمُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يُتْلِفَ نَفْسَهُ وَكَذَلِكَ مُحَرَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يُتْلِفَهُ إلَّا بِمَا أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِيهِ مِنْ الْكُفْرِ وَالْقَتْلِ وَكَذَلِكَ ذَوَاتُ الْأَرْوَاحِ , وَلاَ يُؤْخَذُ الْحَقُّ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِمَا لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ مَعْصِيَةٌ .@
الصفحة 538