كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

(قَالَ الرَّبِيعُ): وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ: إنْ كَانَ الْخَيْطُ فِي حَيَوَانٍ لاَ يُؤْكَلُ فَلاَ يُنْزَعُ ; لِأَنَّ {النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ} وَإِنْ كَانَ فِي حَيَوَانٍ يُؤْكَلُ نُزِعَ الْخَيْطُ ; لِأَنَّهُ حَلاَلٌ لَهُ أَنْ يَذْبَحَهَا وَيَأْكُلَهَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُعْسِرًا وَقَدْ صَبَغَ الثَّوْبَ صَبْغًا ثُمَّ قَالَ أَنَا أَغْسِلُهُ حَتَّى أُخْرِجَ صَبْغِي مِنْهُ لَمْ نُمَكِّنْهُ أَنْ يَغْسِلَهُ فَيُنْقِصَ عَلَيَّ ثَوْبِي وَهُوَ مُعْسِرٌ بِذَلِكَ.
قَالَ: وَإِذَا جَنَى الْحُرُّ عَلَى الْعَبْدِ جِنَايَةً تَكُونُ نَفْسًا أَوْ أَقَلَّ حَمَّلْتُهَا عَاقِلَةَ الْحُرِّ , إنْ كَانَتْ خَطَأً وَقَامَتْ بِهَا بَيِّنَةٌ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ ضَمَّنْتَ الْعَاقِلَةَ جِنَايَةَ حُرٍّ عَلَى عَبْدٍ؟ قِيلَ لَهُ لَمَّا كَانَتْ الْعَاقِلَةُ تَعْقِلُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جِنَايَةَ الْحُرِّ عَلَى الْحُرِّ فِي النَّفْسِ وَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جِنَايَةَ الْحُرِّ عَلَى الْجَنِينِ وَهُوَ نِصْفُ عُشْرِ نَفْسٍ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا جَنَى الْحُرُّ مِنْ جِنَايَةِ خَطَأٍ كَانَتْ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَعَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِي جِنَايَةِ الْحُرِّ خَطَأً مُخَالِفٌ لِلْحُكْمِ فِي جِنَايَةِ الْحُرِّ الْعَمْدِ , وَفِيمَا اسْتَهْلَكَ الْحُرُّ مِنْ عُرُوضِ الْآدَمِيِّينَ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَلِمَ لَمْ تَجْعَلْ الْعَبْدَ عَرْضًا مِنْ الْعُرُوضِ , وَإِنَّمَا فِيهِ قِيمَتُهُ كَمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْعُرُوضِ؟ قِيلَ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْقَاتِلِ خَطَأً تَحْرِيرَ رَقَبَةٍ وَدِيَةً مُسَلَّمَةً إلَى أَهْلِ الْمَقْتُولِ فَكَانَ ذَلِكَ فِي الْآدَمِيِّينَ دُونَ الْعُرُوضِ وَالْبَهَائِمِ. وَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنَّ عَلَى قَاتِلِ الْعَبْدِ تَحْرِيرَ رَقَبَةٍ كَمَا هِيَ عَلَى قَاتِلِ الْحُرِّ , وَلاَ أَنَّ الرَّقَبَةَ فِي مَالِ الْقَاتِلِ خَاصَّةً فَلَمَّا كَانَتْ الدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ كَانَتْ فِي الْعَبْدِ دِيَةٌ كَمَا كَانَتْ فِيهِ رَقَبَةٌ وَكَانَ دَاخِلاً فِي جُمْلَةِ الآيَةِ وَجُمْلَةِ السُّنَّةِ وَجُمْلَةِ الْقِيَاسِ عَلَى الْإِجْمَاعِ فِي أَنَّ فِيهِ عِتْقَ رَقَبَةٍ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَدِيَتُهُ لَيْسَتْ كَدِيَةِ الْحُرِّ؟ قِيلَ وَالدِّيَاتُ مُبَيَّنَةُ الْفَرْضِ فِي كِتَابِ اللَّهِ @

الصفحة 539