كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

فِي مَعْنَى مَا سَمَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُ وَكَذَلِكَ حَرَّمْنَا الْمَأْكُولَ وَالْمَوْزُونَ ; لِأَنَّ الْكَيْلَ فِي مَعْنَى الْوَزْنِ ; لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَعْلُومٌ عِنْدَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي , بِمِثْلِ مَا عُلِمَ بِالْكَيْلِ أَوْ أَكْثَرَ ; لِأَنَّ الْوَزْنَ أَقْرَبُ مِنْ الْإِحَاطَةِ مِنْ الْكَيْلِ فَلاَ يُوجَدُ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ مَعْنًى أَقْرَبُ مِنْ الْإِحَاطَةِ مِنْهُمَا , فَاجْتَمَعَا عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِمَا أَنْ يَكُونَا مَعْلُومَيْنِ , وَأَنَّهُمَا مَأْكُولاَنِ , فَكَانَ الْوَزْنُ قِيَاسًا عَلَى الْكَيْلِ فِي مَعْنَاهُ , وَمَا أُكِلَ مِنْ الْكَيْلِ وَلَمْ يُسَمَّ , قِيَاسًا عَلَى مَعْنَى مَا سُمِّيَ مِنْ الطَّعَامِ , فِي مَعْنَاهُ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَاسَ الْوَزْنُ مِنْ الْمَأْكُولِ عَلَى الْوَزْنِ مِنْ الذَّهَبِ ; لِأَنَّ الذَّهَبَ غَيْرُ مَأْكُولٍ , وَكَذَلِكَ الْوَرِقُ لَوْ قِسْنَاهُ عَلَيْهِ وَتَرَكْنَا الْمَكِيلَ الْمَأْكُولَ , قِسْنَا عَلَى أَبْعَدَ مِنْهُ مِمَّا تَرَكْنَا أَنْ نَقِيسَهُ عَلَيْهِ , وَلاَ يَجُوزُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُقَاسَ عَلَى الْأَبْعَدِ وَيُتْرَكَ الْأَقْرَبُ وَلَزِمَنَا أَنْ لاَ نُسَلِّمَ دِينَارًا فِي مَوْزُونٍ مِنْ طَعَامٍ أَبَدًا وَلاَ غَيْرِهِ , كَمَا لاَ يَجُوزُ أَنْ نُسَلِّمَ دِينَارًا فِي مَوْزُونٍ مِنْ فِضَّةٍ , وَلاَ أَعْلَمُ الْمُسْلِمِينَ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ يُسَلَّمَانِ فِي كُلِّ شَيْءٍ , إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا لاَ يُسَلَّمُ فِي الْآخَرِ , لاَ ذَهَبَ فِي ذَهَبٍ , وَلاَ وَرِقَ فِي وَرِقٍ , إلَّا فِي الْفُلُوسِ فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ
بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّرْفِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله : لاَ يَجُوزُ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ , وَلاَ الْوَرِقُ بِالْوَرِقِ , وَلاَ شَيْءٌ مِنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ , بِشَيْءٍ مِنْ صِنْفِهِ إلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ , يَدًا بِيَدٍ إنْ كَانَ مِمَّا يُوزَنُ , فَوَزْنٌ بِوَزْنٍ , وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُكَالُ , فَكَيْلٌ بِكَيْلٍ , وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ شَيْءٌ وَأَصْلُهُ الْوَزْنُ بِشَيْءٍ مِنْ صِنْفِهِ كَيْلاً . وَلاَ شَيْءٌ أَصْلُهُ الْكَيْلُ بِشَيْءٍ مِنْ صِنْفِهِ وَزْنًا لاَ يُبَاعُ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ كَيْلاً ; لِأَنَّهُمَا قَدْ يَمْلاَنِ مِكْيَالاً , وَيَخْتَلِفَانِ فِي الْوَزْنِ أَوْ يُجْهَلُ كَمْ وَزْنُ هَذَا مِنْ وَزْنِ هَذَا ؟ وَلاَ التَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَزْنًا ; لِأَنَّهُمَا قَدْ يَخْتَلِفَانِ , إذَا كَانَ وَزْنُهَا وَاحِدًا فِي@

الصفحة 55