كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

قَالَ الرَّبِيعُ لاَ يُفَارِقُ صَاحِبَهُ فِي الْبَيْعَةِ الْأُولَى حَتَّى يَتِمَّ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ وَمَا حَرَّمَ مَعَهُ إلَّا مِثْلاً بِمِثْلٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ يَدًا بِيَدٍ , وَالْمَكِيلُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ مَعَ الذَّهَبِ كَيْلاً بِكَيْلٍ فَلاَ خَيْرَ فِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا بِأَقَلَّ مِنْهُ وَزْنًا عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ مَعْرُوفًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَعْرُوفٍ وَالْمَعْرُوفُ لَيْسَ يُحِلُّ بَيْعًا وَلاَ يُحَرِّمُهُ , فَإِنْ كَانَ وَهَبَ لَهُ دِينَارًا وَأَثَابَهُ الْآخَرُ دِينَارًا أَوْزَنَ مِنْهُ أَوْ أَنْقَصَ فَلاَ بَأْسَ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَأَمَّا السَّلَفُ , فَإِنْ أَسْلَفَهُ شَيْئًا ثُمَّ اقْتَضَى مِنْهُ أَقَلَّ فَلاَ بَأْسَ ; لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ لَهُ بِهِبَةِ الْفَضْلِ , وَكَذَلِكَ إنْ تَطَوَّعَ لَهُ الْقَاضِي بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِ ذَهَبِهِ فَلاَ بَأْسَ ; لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ مَعَانِي الْبُيُوعِ , وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ سَلَفٌ ذَهَبًا فَاشْتَرَى مِنْهُ وَرِقًا فَتَقَابَضَاهُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا , وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ حَالًّا , فَأَمَّا إذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ ذَهَبٌ إلَى أَجَلٍ فَجَاءَهُ بِهَا وَأَكْثَرَ مِنْهَا فَلاَ بَأْسَ بِهِ , كَانَ ذَلِكَ عَادَةً أَوْ غَيْرَ عَادَةٍ , وَمَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ لِرَجُلٍ وَلِلرَّجُلِ عَلَيْهِ دَنَانِيرُ فَحَلَّتْ أَوْ لَمْ تَحِلَّ فَتَطَارَحَاهَا صَرْفًا , فَلاَ يَجُوزُ ; لِأَنَّ ذَلِكَ دَيْنٌ بِدَيْنٍ , وَقَالَ مَالِكٌ رحمه الله تعالى إذَا حَلَّ فَجَائِزٌ , وَإِذَا لَمْ يَحِلَّ فَلاَ يَجُوزُ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَمَنْ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ ذَهَبٌ حَالًّا فَأَعْطَاهُ دَرَاهِمَ عَلَى غَيْرِ بَيْعٍ مُسَمًّى مِنْ الذَّهَبِ فَلَيْسَ بِبَيْعٍ وَالذَّهَبُ كَمَا هُوَ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا دَرَاهِمُ مِثْلُ الدَّرَاهِمِ الَّتِي أَخَذَ مِنْهُ , وَإِنْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ مِنْهَا أَوْ دِينَارَيْنِ فَتَقَابَضَاهُ فَلاَ بَأْسَ بِهِ , وَمَنْ أَكْرَى مِنْ رَجُلٍ مَنْزِلاً إلَى أَجَلٍ فَتَطَوَّعَ لَهُ الْمُكْتَرِي بِأَنْ يُعْطِيَهُ بَعْضَ حَقِّهِ مِمَّا أَكْرَاهُ بِهِ وَذَلِكَ ذَهَبٌ فَلاَ بَأْسَ بِهِ , وَإِنْ تَطَوَّعَ لَهُ بِأَنْ يُعْطِيَهُ فِضَّةً مِنْ الذَّهَبِ وَلَمْ يَحِلَّ الذَّهَبُ فَلاَ خَيْرَ فِيهِ , وَمَنْ حَلَّ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَنَانِيرُ فَأَخَّرَهَا عَلَيْهِ إلَى أَجَلٍ أَوْ آجَالٍ فَلاَ بَأْسَ بِهِ , وَلَهُ مَتَى شَاءَ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ ; لِأَنَّ ذَلِكَ مَوْعِدٌ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ ثَمَنِ بَيْعٍ أَوْ @

الصفحة 60