كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

{ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله تعالى عليه وسلم فَهُوَ الطَّعَامُ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى يُقْبَضَ } وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِرَأْيِهِ وَلاَ أَحْسَبُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا مِثْلَهُ وَهَذَا كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الطَّعَامِ مَعْنًى لَيْسَ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْبُيُوعِ وَلاَ مَعْنًى يُعْرَفُ إلَّا وَاحِدٌ وَهُوَ أَنِّي إذَا ابْتَعْت مِنْ الرَّجُلِ شَيْئًا فَإِنَّمَا أَبْتَاعُ مِنْهُ عَيْنًا أَوْ مَضْمُونًا , وَإِذَا ابْتَعْت مِنْهُ مَضْمُونًا فَلَيْسَتْ بِعَيْنٍ وَقَدْ يُفْلِسُ فَأَكُونُ قَدْ بِعْت شَيْئًا ضَمَانُهُ عَلَى مَنْ اشْتَرَيْته مِنْهُ وَإِنَّمَا بِعْته قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ فِي تَصَرُّفِي وَمِلْكِي تَامًّا وَلاَ يَجُوزُ أَنْ أَبِيعَ مَا لاَ أَمْلِكُ تَامًّا , وَإِنْ كَانَ الَّذِي اشْتَرَيْته مِنْهُ عَيْنًا فَلَوْ هَلَكَتْ تِلْكَ الْعَيْنُ انْتَقَضَ الْبَيْعُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَإِذَا بِعْتهَا وَلَمْ يَتِمَّ مِلْكُهَا إلَيَّ بِأَنْ يَكُونَ ضَمَانُهَا مِنِّي بِعْته مَا لَمْ يَتِمَّ لِي مِلْكُهُ وَلاَ يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَمْ يَتِمَّ لِي مِلْكُهُ وَمَعَ هَذَا أَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَى مَنْ اشْتَرَيْته مِنْهُ فَإِذَا بِعْتُ , بِعْتُ شَيْئًا مَضْمُونًا عَلَى غَيْرِي , فَإِنْ زَعَمْت أَنِّي ضَامِنٌ فَعَلَيَّ مِنْ الضَّمَانِ مَا عَلَى دُونِ مَنْ اشْتَرَيْت مِنْهُ أَرَأَيْت إنْ هَلَكَ ذَلِكَ فِي يَدِي الَّذِي اشْتَرَيْته مِنْهُ أَيُؤْخَذُ مِنِّي شَيْءٌ ؟ , فَإِنْ قَالَ لاَ , قِيلَ فَقَدْ بِعْت مَا لاَ تَضْمَنُ وَلاَ يَجُوزُ بَيْعُ مَا لاَ أَضْمَنُ . وَإِنْ قِيلَ بَلْ أَنْتَ ضَامِنٌ فَلَيْسَ هَكَذَا بَيْعُهُ كَيْفَ أَضْمَنُ شَيْئًا قَدْ ضَمِنْته لَهُ عَلَى غَيْرِي ؟ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا شَيْءٌ مِمَّا وَصَفْت دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ وَأَنَّهُ فِي مَعْنَى الطَّعَامِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } وَقَالَ { لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } فَكُلُّ بَيْعٍ كَانَ عَنْ تَرَاضٍ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ جَائِزٌ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي جَمِيعِ الْبُيُوعِ إلَّا بَيْعًا حَرَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله تعالى عليه وسلم إلَّا الذَّهَبَ وَالْوَرِقَ يَدًا بِيَدٍ وَالْمَأْكُولُ وَالْمَشْرُوبُ فِي مَعْنَى الْمَأْكُولِ فَكُلُّ مَا أَكَلَ الْآدَمِيُّونَ وَشَرِبُوا فَلاَ @

الصفحة 67