كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)

أُمَّةً لاَ يُؤْخَذُ لِلضَّعِيفِ فِيهِمْ حَقُّهُ } دَلاَلَةً أَنَّ لِمَنْ سَأَلَهُ الْإِقْطَاعَ أَنْ يُؤْخَذَ لِلضَّعِيفِ فِيهِمْ حَقُّهُ وَغَيْرِهِ وَدَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَقْطَعَ النَّاسَ بِالْمَدِينَةِ وَذَلِكَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ عِمَارَةِ الْأَنْصَارِ مِنْ الْمَنَازِلِ وَالنَّخْلِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ بِالْعَامِرِ مَنْعُ غَيْرِ الْعَامِرِ , وَلَوْ كَانَ لَهُمْ لَمْ يَقْطَعْهُ النَّاسَ , وَفِي هَذَا دَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّ مَا قَارَبَ الْعَامِرَ وَكَانَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ وَمَا لَمْ يُقَارِبْ مِنْ الْمَوَاتِ سَوَاءٌ فِي أَنَّهُ لاَ مَالِكَ لَهُ فَعَلَى السُّلْطَانِ إقْطَاعُهُ مِمَّنْ سَأَلَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ أَرْضًا } وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَقْطَعَ الْعَقِيقَ أَجْمَعَ وَقَالَ أَيْنَ الْمُسْتَقْطِعُونَ ؟ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَالْعَقِيقُ قَرِيبٌ مِنْ الْمَدِينَةِ وَقَوْلُهُ " أَيْنَ الْمُسْتَقْطِعُونَ نَقْطَعُهُمْ " , وَإِنَّمَا أَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ عُمَرُ وَمَنْ أَقْطَعَ مَا لاَ يَمْلِكُهُ أَحَدٌ يُعْرَفُ مِنْ الْمَوَاتِ , وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { مَنْ أَحْيَا مَوَاتًا فَهُوَ لَهُ } دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَحْيَا مَوَاتًا كَانَ لَهُ كَمَا يَكُونُ لَهُ إنْ أَقْطَعَهُ وَاتِّبَاعٌ فِي أَنْ يَمْلِكَ مَنْ أَحْيَا الْمَوَاتَ مَا أَحْيَا كَاتِّبَاعِ أَمْرِهِ فِي أَنْ يَقْطَعَ الْمَوَاتَ مَنْ يُحْيِيهِ لاَ فَرْقَ بَيْنَهُمَا , وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَقْطَعَ الْمَوَاتَ مَنْ يُحْيِيهِ وَلاَ مَالِكَ لَهُ , وَإِذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { مَنْ أَحْيَا مَوَاتًا فَهُوَ لَهُ } فَعَطِيَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَّةٌ لِمَنْ أَحْيَا الْمَوَاتَ فَمَنْ أَحْيَا الْمَوَاتَ فَبِعَطِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحْيَاهُ , وَعَطِيَّتُهُ فِي الْجُمْلَةِ أَثْبَتُ مِنْ عَطِيَّةِ مَنْ بَعْدَهُ فِي النَّصِّ وَالْجُمْلَةِ , وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ مِثْلُ هَذَا الْمَعْنَى لاَ يُخَالِفُهُ .@

الصفحة 102