كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)

بَابٌ الرِّكَازُ يُوجَدُ فِي بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله : الرِّكَازُ دَفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ { لاَ حِمَى إلَّا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ } .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { لاَ حِمًى إلَّا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ } لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْزِلَ بَلَدًا غَيْرَ مَعْمُورٍ فَيَمْنَعَ مِنْهُ شَيْئًا يَرْعَاهُ دُونَ غَيْرِهِ وَذَلِكَ أَنَّ الْبِلاَدَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لاَ مَالِكَ لَهَا مِنْ الْآدَمِيِّينَ , وَإِنَّمَا سَلَّطَ اللَّهُ الْآدَمِيِّينَ عَلَى مَنْعِ مَالِهِمْ خَاصَّةً لاَ مَنْعِ مَا لَيْسَ لِأَحَدٍ بِعَيْنِهِ وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { لاَ حِمًى إلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ } أَنْ لاَ حِمًى إلَّا حِمَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي صَلاَحِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ هُمْ شُرَكَاءُ فِي بِلاَدِ اللَّهِ لَيْسَ أَنَّهُ حِمًى لِنَفْسِهِ دُونَهُمْ وَلِوُلاَةِ الْأَمْرِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَحْمُوا مِنْ الْأَرْضِ شَيْئًا لِمَنْ يَحْتَاجُ إلَى الْحِمَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ , وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَحْمُوا شَيْئًا لِأَنْفُسِهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه اسْتَعْمَلَ مَوْلًى لَهُ يُقَالُ لَهُ هُنَيٌّ عَلَى الْحِمَى .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَقَوْلُ عُمَرَ إنَّهُمْ لَيَرَوْنَ أَنِّي قَدْ ظَلَمْتُهُمْ يَقُولُ يَذْهَبُ رَأْيُهُمْ أَنِّي حَمَيْت بِلاَدًا غَيْرَ مَعْمُورَةٍ لِنَعَمِ الصَّدَقَةِ وَلِنَعَمِ الْفَيْءِ وَأَمَرْت بِإِدْخَالِ أَهْلِ الْحَاجَةِ الْحِمَى دُونَ أَهْلِ الْقُوَّةِ عَلَى الْمَرْعَى فِي غَيْرِ الْحِمَى إلَى أَنِّي قَدْ ظَلَمْتُهُمْ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَمْ يَظْلِمْهُمْ عُمَرُ رضي الله عنه وَإِنْ رَأَوْا ذَلِكَ , بَلْ حَمَى عَلَى @

الصفحة 103