كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
شُرَيْحٌ جَاءَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - بِإِطْلاَقِ الْحَبْسِ فَقُلْت لَهُ وَتَعْرِفُ الْحَبْسَ الَّتِي جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِإِطْلاَقِهَا؟ قَالَ لاَ أَعْرِفُ حَبْسًا إلَّا الْحَبْسَ بِالتَّحْرِيمِ فَهَلْ تَعْرِفُ شَيْئًا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْحَبْسِ غَيْرَهَا؟
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقُلْت لَهُ أَعْرِفُ الْحَبْسَ الَّتِي جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِإِطْلاَقِهَا وَهِيَ غَيْرُ مَا ذَهَبْت إلَيْهِ وَهِيَ بَيِّنَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ اُذْكُرْهَا قُلْت: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ? مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بِحِيرَةٍ , وَلاَ سَائِبَةٍ , وَلاَ وَصِيلَةٍ , وَلاَ حَامٍ} فَهَذِهِ الْحَبْسُ الَّتِي كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَحْبِسُونَهَا فَأَبْطَلَ اللَّهُ شُرُوطَهُمْ فِيهَا وَأَبْطَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِإِبْطَالِ اللَّهِ إيَّاهَا وَهِيَ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَقُولُ: إذَا نَتَجَ فَحْلُ إبِلِهِ ثُمَّ أَلْقَحَ فَأُنْتِجَ مِنْهُ هُوَ حَامٍ أَيْ قَدْ حَمَى ظَهْرُهُ فَيَحْرُمُ رُكُوبُهُ وَيُجْعَلُ ذَلِكَ شَبِيهًا بِالْعِتْقِ لَهُ وَيَقُولُ فِي الْبَحِيرَةِ وَالْوَصِيلَةِ عَلَى مَعْنًى يُوَافِقُ بَعْضَ هَذَا وَيَقُولُ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ سَائِبَةٌ لاَ يَكُونُ لِي , وَلاَؤُك , وَلاَ عَلَيَّ عَقْلُك قَالَ: فَهَلْ قِيلَ فِي السَّائِبَةِ غَيْرُ هَذَا؟ فَقُلْت نَعَمْ قِيلَ إنَّهُ أَيْضًا فِي الْبَهَائِمِ قَدْ سَيَّبْتُك
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَلَمَّا كَانَ الْعِتْقُ لاَ يَقَعُ عَلَى الْبَهَائِمِ رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِلْكَ الْبَحِيرَةِ وَالْوَصِيلَةِ وَالْحَامِ إلَى مَالِكِهِ وَأَثْبَتَ الْعِتْقَ وَجَعَلَ الْوَلاَءَ لِمَنْ أَعْتَقَ السَّائِبَةَ وَحَكَمَ لَهُ بِمِثْلِ حُكْمِ النَّسَبِ , وَلَمْ يَحْبِسْ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ عَلِمْته دَارًا وَلاَ أَرْضًا تَبَرُّرًا بِحَبْسِهَا , وَإِنَّمَا حَبَسَ أَهْلُ الْإِسْلاَمِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَالصَّدَقَاتُ يَلْزَمُهَا اسْمُ الْحَبْسِ وَلَيْسَ لَك أَنْ تُخْرِجَ مِمَّا لَزِمَهُ اسْمُ الْحَبْسِ شَيْئًا إلَّا بِخَبَرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْت وَقُلْت أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ @
الصفحة 107