كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)

ذَلِكَ عَلَى إجَازَةِ الْحَبْسِ وَعَلَى أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَلِي حَبْسَ صَدَقَتِهِ وَيُسَبَّلُ ثَمَرَهَا بِأَمْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَلِيهَا غَيْرُهُ , قَالَ : فَقَالَ : أَفَيَحْتَمِلُ قَوْلُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَبِّسْ أَصْلَهَا وَسَبِّلْ ثَمَرَهَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ ؟ قُلْت نَعَمْ وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ أَظْهَرُهُمَا وَعَلَيْهِ مِنْ الْخَبَرِ دَلاَلَةٌ أُخْرَى قَالَ وَمَا هِيَ ؟ قُلْت إذَا كَانَ عُمَرُ لاَ يَعْرِفُ وَجْهَ الْحَبْسِ أَفَيُعَلِّمُهُ حَبْسَ الْأَصْلِ وَسَبْلَ الثَّمَرِ وَيَدْعُ أَنْ يُعَلِّمَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدَيْهِ إلَى مَنْ يَلِيهَا عَلَيْهِ وَلِمَنْ حَبَسَهَا عَلَيْهِ ; لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لاَ تَتِمُّ إلَّا بِأَنْ يُخْرِجَهَا الْمُحَبِّسُ مِنْ يَدَيْهِ إلَى مِنْ يَلِيهَا دُونَهُ , كَانَ هَذَا أَوْلَى أَنْ يُعَلِّمَهُ ; لِأَنَّ الْحَبْسَ لاَ يَتِمُّ إلَّا بِهِ , وَلَكِنَّهُ عَلَّمَهُ مَا يَتِمُّ لَهُ , وَلَمْ يَكُنْ فِي إخْرَاجِهَا مِنْ يَدَيْهِ شَيْءٌ يَزِيدُ فِيهَا , وَلاَ فِي إمْسَاكِهَا يَلِيهَا هُوَ شَيْءٌ يُنْقِصُ صَدَقَتُهُ , وَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْمُتَصَدِّقُ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَلِي فِيمَا بَلَغَنَا صَدَقَتَهُ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى , وَلَمْ يَزَلْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه يَلِي صَدَقَتَهُ بِيَنْبُعَ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ , وَلَمْ تَزَلْ فَاطِمَةُ عليها السلام تَلِي صَدَقَتَهَا حَتَّى لَقِيَتْ@

الصفحة 109