كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
كَانَ إذْنُهُ فِي الصَّلاَةِ إخْرَاجَهُ مِنْ مِلْكِهِ كَانَ إخْرَاجُهُ إلَى غَيْرِ مَالِكٍ بِعَيْنِهِ فَكَانَ مِثْلَ الْحَبْسِ الَّذِي يَلْزَمُك إطْلاَقُهَا لِحَدِيثِ شُرَيْحٍ فَعَمَدْت إلَى مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ الْوَقْفِ فِي الْأَمْوَالِ وَالدُّورِ وَمَا أَخْرَجَهُ مَالِكُهُ مِنْ مِلْكِ نَفْسِهِ فَأَبْطَلْته بِعِلَّةٍ وَأَجَزْت الْمَسْجِدَ بِلاَ خَبَرٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ جَاوَزْت الْقَصْدَ فِيهِ فَأَخْرَجْته مِنْ مِلْكِ صَاحِبِهِ , وَلَمْ يُخْرِجْهُ صَاحِبٌ مِنْ مِلْكِهِ إنَّمَا يُخْرِجُهُ بِالْكَلاَمِ وَأَنْتَ تَعِيبُ عَلَى الْمَدَنِيِّينَ أَنْ يَقْضُوا بِحِيَازَةِ عَشَرَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً . إذَا حَازَ الرَّجُلُ الدَّارَ وَالْمَحُوزُ عَلَيْهِ حَاضِرٌ يَرَاهُ يَبْنِيهَا وَيَهْدِمُهَا , وَهُوَ يَبِيعُ الْمَنَازِلَ لاَ يُكَلِّمُهُ فِيهَا . وَقُلْت الصَّمْتُ وَالْحَوْزُ لاَ يُبْطِلُ الْحَقَّ إنَّمَا يُبْطِلُهُ الْقَوْلُ وَتَجْعَلُ إذْنَ صَاحِبِ الْمَسْجِدِ , وَهُوَ لَمْ يَنْطِقْ بِوَقْفِهِ وَقْفًا فَتَزْكَنُ عَلَيْهِ وَتَعِيبُ مَا هُوَ أَقْوَى فِي الْحُجَّةِ مِنْ قَوْلِ الْمَدَنِيِّينَ فِي الْحِيَازَةِ مِنْ قَوْلِك فِي الْمَسْجِدِ وَتَقُولُ هَذَا وَهُوَ إزْكَانٌ , وَقُلْت لَهُ : أَرَأَيْت لَوْ أَذِنَ فِي دَارِهِ لِلْحَاجِّ أَنْ يَنْزِلُوهَا سَنَةً , أَوْ سَنَتَيْنِ أَتَكُونُ صَدَقَةً عَلَيْهِمْ ؟ قَالَ لاَ وَلَهُ مَنْعُهُمْ مَتَى شَاءَ مِنْ النُّزُولِ فِيهَا , قُلْت : فَكَيْفَ لَمْ تَقُلْ هَذَا فِي الْمَسْجِدِ يُخْرِجُهُ مِنْ الدَّارِ , وَلاَ يَتَكَلَّمُ بِوَقْفِهِ . فَقَالَ : إنَّ صَاحِبَيْنَا قَدْ عَابَا قَوْلَ صَاحِبِهِمْ وَصَارَا إلَى قَوْلِكُمْ فِي إجَازَةِ الصَّدَقَاتِ , فَقُلْت لَهُ مَا زَادَ قَوْلُنَا قُوَّةً بِنُزُوعِهِمَا إلَيْهِ , وَلاَ ضَعْفًا بِفِرَاقِهِمَا حِينَ فَارَقَاهُ وَلَهُمَا بِالرُّجُوعِ إلَيْهِ أَسْعَدُ , وَمَا عَلِمْتُهُمَا أَفَادَا حِينَ رَجَعَا إلَيْهِ عِلْمًا كَانَا يَجْهَلاَنِهِ , قَالَ : وَلَكِنْ قَدْ يَصِحُّ عِنْدَهُمَا الشَّيْءُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَصِحَّ , فَقُلْت : اللَّهُ أَعْلَمُ كَيْفَ كَانَ رُجُوعُهُمَا وَمَقَامُهُمَا وَالرُّجُوعُ بِكُلِّ حَالٍ خَيْرٌ لَهُمَا إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقُلْت لَهُ أَيَجُوزُ لِعَالِمٍ أَنْ يَأْتِيَهُ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي أَمْرٍ مَنْصُوصٍ فَيَقُولُ بِهِ , وَإِنْ عَارَضَهُ مُعَارِضٌ بِخَبَرٍ غَيْرِ مَنْصُوصٍ فَيَقُولُ بِهِ ثُمَّ يَأْتِي مِثْلُهُ فَلاَ يَقْبَلُهُ وَيَصْرِفُ أَصْلاً إلَى أَصْلٍ ؟ قَالَ : لاَ , قُلْت : فَقَدْ فَعَلْت وَصَرَفْت الصَّدَقَاتِ إلَى النِّحَلِ وَهُمَا مُفْتَرِقَانِ عِنْدَك . وَقُلْت لَهُ : أَيَجُوزُ أَنْ يَأْتِيَك الْحَدِيثُ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الصَّدَقَاتِ بِأَمْرٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ تَصَدَّقُوا بِهَا وَوَلَوْهَا وَهُمْ لاَ يَفْعَلُونَ إلَّا الْجَائِزَ عِنْدَهُمْ , ثُمَّ يَقُولُونَ فِي النِّحَلِ عِنْدَهُمْ : إنَّمَا تَكُونُ بِأَنْ تَكُونَ مَقْبُوضَاتٍ , فَتَقُولُ : أَجَعَلُوا@
الصفحة 115