كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
عَنْ حُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ : اسْتَعْمَلَنِي , قَالَ : فَهَلْ تَحْرُمُ الصَّدَقَةُ تَطَوُّعًا عَلَى أَحَدٍ ؟ فَقُلْت : لاَ إلَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لاَ يَأْخُذُهَا وَيَأْخُذُ الْهَدِيَّةَ , وَقَدْ يَجُوزُ تَرْكُهُ إيَّاهَا عَلَى مَا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهِ وَأَبَانَهُ مِنْ خَلْقِهِ تَحْرِيمًا وَيَجُوزُ لِغَيْرِ ذَلِكَ ; لِأَنَّ مَعْنَى الصَّدَقَاتِ مِنْ الْعَطَايَا هِبَةٌ لاَ يُرَادُ ثَوَابُهَا وَمَعْنَى الْهَدِيَّةِ يُرَادُ ثَوَابُهَا قَالَ : أَفَتَجِدُ دَلِيلاً عَلَى قَبُولِهِ الْهَدِيَّةِ ؟ فَقُلْت : نَعَمْ , أَخْبَرَنِيهِ مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ فَقُرِّبَ إلَيْهِ خُبْزٌ وَأُدْمٌ مِنْ أُدْمِ الْبَيْتِ فَقَالَ أَلَمْ أَرَ بُرْمَةَ لَحْمٍ فَقَالُوا ذَلِكَ شَيْءٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ فَقَالَ هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ , وَهُوَ لَنَا هَدِيَّةٌ } فَقَالَ : مَا الَّذِي يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صَدَقَةً مُحَرَّمَةً ؟ قُلْت : كُلُّ مَا كَانَ الشُّهُودُ يُسَمُّونَهُ بِحُدُودٍ مِنْ الْأَرْضِينَ وَالدُّورِ مَعْمُورِهَا وَغَيْرِ مَعْمُورِهَا وَالرَّقِيقِ فَقَالَ أَمَّا الْأَرْضُونَ وَالدُّورُ فَهِيَ صَدَقَاتُ مَنْ مَضَى فَكَيْفَ أَجَزْت الرَّقِيقَ وَأَصْحَابُنَا لاَ يُجِيزُونَ الصَّدَقَةَ بِالرَّقِيقِ إلَّا أَنْ يَكُونُوا فِي الْأَرْضِ الْمُتَصَدَّقِ بِهَا فَقُلْت لَهُ تَصَدَّقَ السَّلَفُ بِالدُّورِ وَالنَّخْلِ وَلَعَلَّ فِي النَّخْلِ زَرْعًا أَفَرَأَيْت إنْ قَالَ قَائِلٌ لاَ أُجِيزُ الصَّدَقَةَ بِحَمَّامٍ , وَلاَ مَقْبَرَةٍ ; لِأَنَّهُمَا مُخَالِفَانِ لِلدُّورِ وَأَرَاضِي النَّخْلِ وَالزَّرْعِ هَلْ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَ السَّلَفُ تَصَدَّقُوا بِدُورٍ وَأَرَاضِيِ نَخْلٍ وَزَرْعٍ فَكَانَ ذَلِكَ إنَّمَا يُعْرَفُ بِالْحُدُودِ وَقَدْ تَتَغَيَّرُ , وَكَذَلِكَ الْحَمَّامُ وَالْمَقْبَرَةُ يُعْرَفَانِ بِحَدٍّ , وَإِنْ تَغَيَّرَا قَالَ هَذِهِ حُجَّةٌ عَلَيْهِ قَالَ , فَإِذَا كَانُوا يَعْرِفُونَ الْعَبِيدَ بِأَعْيَانِهِمْ أَتَجِدُهُمْ فِي مَعْرِفَةِ@
الصفحة 119