كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْحَبْسُ الَّتِي جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِإِطْلاَقِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا وَصَفْنَا مِنْ الْبَحِيرَةِ وَالْوَصِيلَةِ وَالْحَامِ وَالسَّائِبَةِ إنْ كَانَتْ مِنْ الْبَهَائِمِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا دَلَّ عَلَى مَا وَصَفْت؟ قِيلَ مَا عَلِمْنَا جَاهِلِيًّا حَبَسَ دَارًا عَلَى وَلَدٍ , وَلاَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ , وَلاَ عَلَى مَسَاكِينَ وَحَبْسُهُمْ كَانَتْ مَا وَصَفْنَا مِنْ الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَالْوَصِيلَةِ وَالْحَامِ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِإِطْلاَقِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَكَانَ بَيِّنًا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إطْلاَقُهَا , فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهُوَ يَحْتَمِلُ مَا وَصَفْت وَيَحْتَمِلُ إطْلاَقَ كُلِّ حَبْسٍ فَهَلْ مِنْ خَبَرٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَبْسَ فِي الدُّورِ وَالْأَمْوَالِ خَارِجَةٌ مِنْ الْحَبْسِ الْمُطْلَقَةِ؟ قِيلَ: نَعَمْ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ {جَاءَ عُمَرُ إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إنِّي أَصَبْت مَالاً لَمْ أُصِبْ مِثْلَهُ قَطُّ , وَقَدْ أَرَدْت أَنْ أَتَقَرَّبَ بِهِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَبِّسْ أَصْلَهُ وَسَبِّلْ ثَمَرَتَهُ}.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَحَجَّةُ الَّذِي أَبْطَلَ الصَّدَقَاتِ الْمَوْقُوفَاتِ أَنَّ شُرَيْحًا قَالَ: لاَ حَبْسَ عَنْ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى لاَ حُجَّةَ فِيهَا عِنْدَنَا , وَلاَ عِنْدَهُ ; لِأَنَّهُ يَقُولُ قَوْلَ شُرَيْحٍ عَلَى الِانْفِرَادِ لاَ يَكُونُ حُجَّةً , وَلَوْ كَانَ حُجَّةً لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا حَبْسٌ عَنْ فَرَائِضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ@

الصفحة 122