كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
أَنْ تُؤَدِّيَ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا مَعَ مَا تُؤَدِّي مِنْهَا وَلِنَعْلَمَ إذَا وَضَعْتهَا فِي مَالِكٍ أَنَّهَا اللُّقَطَةُ دُونَ مَالِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِيَسْتَدِلَّ عَلَى صِدْقِ الْمُعْتَرِفِ , وَهَذَا الْأَظْهَرُ إنَّمَا قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي } فَهَذَا مُدَّعٍ أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ عَشَرَةً , أَوْ أَكْثَرَ وَصَفُوهَا كُلُّهُمْ فَأَصَابُوا صِفَتَهَا أَلَنَا أَنْ نُعْطِيَهُمْ إيَّاهَا يَكُونُونَ شُرَكَاءَ فِيهَا , وَلَوْ كَانُوا أَلْفًا , أَوْ أَلْفَيْنِ وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّهُمْ كَاذِبٌ إلَّا وَاحِدًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَلَعَلَّ الْوَاحِدَ يَكُونُ كَاذِبًا لَيْسَ يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ بِالصِّفَةِ شَيْئًا , وَلاَ تَحْتَاجُ إذَا الْتَقَطْت أَنْ تَأْتِيَ بِهَا إمَامًا , وَلاَ قَاضِيًا .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَإِذَا أَرَادَ الْمُلْتَقِطُ أَنْ يَبْرَأَ مِنْ ضَمَانِ اللُّقَطَةِ وَيَدْفَعَهَا إلَى مَنْ اعْتَرَفَهَا فَلْيَفْعَلْ ذَلِكَ بِأَمْرِ حَاكِمٍ ; لِأَنَّهُ إنْ دَفَعَهَا بِغَيْرِ أَمْرِ حَاكِمٍ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَأَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ ضَمِنَ .
قَالَ : وَإِذَا كَانَ فِي يَدَيْ رَجُلٍ الْعَبْدُ الْآبِقُ أَوْ الضَّالَّةُ مِنْ الضَّوَالِّ فَجَاءَ سَيِّدُهُ فَمِثْلُ اللُّقَطَةِ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا , فَإِذَا دَفَعَهُ بِبَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا عِنْدَهُ كَانَ الِاحْتِيَاطُ لَهُ أَنْ لاَ يَدْفَعَهُ إلَّا بِأَمْرِ الْحَاكِمِ لِئَلَّا يُقِيمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ بَيِّنَةً فَيَضْمَنُ ; لِأَنَّهُ إذَا دَفَعَهُ بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عِنْدَهُ , فَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْبَيِّنَةُ غَيْرَ عَادِلَةٍ وَيُقِيمُ آخَرُ بَيِّنَةً عَادِلَةً فَيَكُونُ أَوْلَى , وَقَدْ تَمُوتُ الْبَيِّنَةُ وَيَدَّعِي هُوَ أَنَّهُ دَفَعَهُ بِبَيِّنَةٍ فَلاَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّ الَّذِي قَبَضَ مِنْهُ إذَا أَقَرَّ لَهُ فَيَضْمَنُهُ الْقَاضِي لِلْمُسْتَحِقِّ الْآخَرِ رَجَعَ هَذَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَقَرَّ أَنَّهُ لَهُ فَلاَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ , وَإِذَا أَقَامَ رَجُلٌ شَاهِدًا عَلَى اللُّقَطَةِ , أَوْ ضَالَّةٍ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ وَأَخَذَ مَا أَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً ; لِأَنَّ هَذَا مَالٌ , وَإِذَا أَقَامَ الرَّجُلُ بِمَكَّةَ بَيِّنَةً عَلَى عَبْدٍ وَوَصَفَتْ الْبَيِّنَةُ الْعَبْدَ وَشَهِدُوا أَنَّ هَذِهِ صِفَةُ عَبْدِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ , وَلَمْ يَهَبْ , أَوْ لَمْ نَعْلَمْهُ بَاعَ , وَلاَ وَهَبَ وَحَلَفَ رَبُّ الْعَبْدِ كَتَبَ الْحَاكِمُ بَيِّنَتَهُ إلَى@
الصفحة 138