كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)

قَاضِي بَلَدٍ غَيْرِ مَكَّةَ فَوَافَقَتْ الصِّفَةُ الْعَبْدَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ بِالصِّفَةِ , وَلاَ يَقْبَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ شُهُودٌ يَقْدُمُونَ عَلَيْهِ فَيَشْهَدُونَ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ , وَلَكِنْ إنْ شَاءَ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنْ يَسْأَلَ الْقَاضِيَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَبْدَ ضَالًّا فَيَبِيعُهُ فِيمَنْ يَزِيدُ وَيَأْمُرُ مَنْ يَشْتَرِيهِ ثُمَّ يَقْبِضُهُ مِنْ الَّذِي اشْتَرَاهُ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِذَا أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِمَكَّةَ بِعَيْنِهِ أَبْرَأَ الْقَاضِي الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ الثَّمَنِ بِإِبْرَاءِ رَبِّ الْعَبْدِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ الثَّمَنَ إنْ كَانَ قَبَضَهُ مِنْهُ , وَقَدْ قِيلَ : يَخْتِمُ فِي رَقَبَةِ هَذَا الْعَبْدِ وَيَضْمَنُهُ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ بِالصِّفَةِ فَإِنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ فَهُوَ لَهُ وَيَفْسَخُ عَنْهُ الضَّمَانَ , وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ عَلَيْهِ الشُّهُودُ رُدَّ , وَإِنْ هَلَكَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ ضَامِنًا , وَهَذَا يَدْخُلُهُ أَنْ يُفْلِسَ الَّذِي ضَمِنَ وَيَسْتَحِقُّهُ رَبُّهُ فَيَكُونُ الْقَاضِي أَتْلَفَهُ وَيَدْخُلُهُ أَنْ يَسْتَحِقَّهُ رَبُّهُ , وَهُوَ غَائِبٌ فَإِنْ قَضَى عَلَى الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ بِإِجَازَتِهِ فِي غِيبَتِهِ قَضَى عَلَيْهِ بِأَجْرٍ مَا لَمْ يُغْصَبْ , وَلَمْ يُسْتَأْجَرْ , وَإِنْ أَبْطَلَ عَنْهُ كَانَ قَدْ مَنَعَ هَذَا حَقَّهُ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ لَهُ وَيَدْخُلُهُ أَنْ يَكُونَ جَارِيَةً فَارِهَةً لَعَلَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِرَجُلٍ فَيُخَلِّي بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَجُلٍ يَغِيبُ عَلَيْهَا , وَلاَ يَجُوزُ فِيهِ إلَّا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِذَا اعْتَرَفَ الرَّجُلُ الدَّابَّةَ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَأَقَامَ رَجُلٌ عَلَيْهَا بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ قَضَى لَهُ الْقَاضِي بِهَا فَإِنْ ادَّعَى الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ رَجُلٍ غَائِبٍ لَمْ يَحْبِسْ الدَّابَّةَ عَنْ الْمَقْضِيِّ لَهُ بِهَا , وَلَمْ يَبْعَثْ بِهَا إلَى الْبَلَدِ الَّذِي فِيهَا الْبَيْعُ كَانَ الْبَلَدُ قَرِيبًا , أَوْ بَعِيدًا , وَلاَ أَعْمِدُ إلَى مَالِ رَجُلٍ فَأَبْعَثُ بِهِ إلَى الْبَلَدِ لَعَلَّهُ يُتْلَفُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَهُ بِدَعْوَى إنْسَانٍ لاَ أَدْرِي كَذَبَ أَمْ صَدَقَ , وَلَوْ عَلِمْت أَنَّهُ صَدَقَ مَا كَانَ لِي أَنْ أُخْرِجَهَا مِنْ يَدَيْ مَالِكهَا نَظَرًا لِهَذَا أَنْ لاَ يُضَيِّعَ حَقَّهُ عَلَى الْمُغْتَصِبِ لاَ تُمْنَعُ الْحُقُوقُ بِالظُّنُونِ , وَلاَ تُمْلَكُ بِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ الَّذِي اسْتَحَقَّ الدَّابَّةَ مُسَافِرًا أَوْ غَيْرَ مُسَافِرٍ , وَلاَ يُمْنَعُ مِنْهَا , وَلاَ تُنْزَعُ مِنْ يَدَيْهِ إلَّا أَنْ يَطِيبَ نَفْسًا عَنْهَا , وَلَوْ أُعْطِيَ قِيمَتَهَا أَضْعَافًا ; لِأَنَّا لاَ نُجْبِرُهُ عَلَى بَيْعِ سِلْعَتِهِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَيَأْكُلُ اللُّقَطَةَ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَمَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ وَمَنْ لاَ تَحِلُّ لَهُ ,@

الصفحة 139