كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)

قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَالْمُسَاقَاةُ جَائِزَةٌ فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ ; لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَ فِيهِمَا بِالْخَرْصِ وَسَاقَى عَلَى النَّخْلِ وَثَمَرُهَا مُجْتَمِعٌ لاَ حَائِلَ دُونَهُ وَلَيْسَ هَكَذَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَرِ كُلِّهِ دُونَهُ حَائِلٌ , وَهُوَ مُتَفَرِّقٌ غَيْرُ مُجْتَمِعٍ , وَلاَ تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي شَيْءٍ غَيْرِ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ وَهِيَ فِي الزَّرْعِ أَبْعَدُ مِنْ أَنْ تَجُوزَ , وَلَوْ جَازَتْ إذَا عَجَزَ عَنْهُ صَاحِبُهُ جَازَتْ إذَا عَجَزَ صَاحِبُ الْأَرْضِ عَنْ زَرْعِهَا أَنْ يُزَارِعَ فِيهَا عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ , وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْهَا . وَقَالَ : إذَا أَجَزْنَا الْمُسَاقَاةَ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ ثَمَرًا بِتَرَاضِي رَبِّ الْمَالِ وَالْمُسَاقِي فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ , وَقَدْ تُخْطِئُ الثَّمَرَةُ فَيَبْطُلُ عَمَلُ الْعَامِلِ وَتَكْثُرُ فَيَأْخُذُ أَكْثَرَ مِنْ عَمَلِهِ أَضْعَافًا كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ إذَا بَدَا صَلاَحُ الثَّمَرِ وَحَلَّ بَيْعُهُ وَظَهَرَ أَجْوَزُ . قَالَ : وَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمُسَاقَاةَ فَأَجَزْنَاهَا بِإِجَازَتِهِ وَحَرَّمَ كِرَاءَ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَحَرَّمْنَاهَا بِتَحْرِيمِهِ , وَإِنْ كَانَا قَدْ يَجْتَمِعَانِ فِي أَنَّهُ إنَّمَا لِلْعَامِلِ فِي كُلٍّ بَعْضُ مَا يُخْرِجُ النَّخْلُ , أَوْ الْأَرْضُ , وَلَكِنْ لَيْسَ فِي سُنَّتِهِ إلَّا اتِّبَاعُهَا , وَقَدْ يَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ النَّخْلَ شَيْءٌ قَائِمٌ مَعْرُوفٌ أَنَّ الْأَغْلَبَ مِنْهُ أَنَّهُ يُثْمِرُ وَمِلْكُ النَّخْلِ لِصَاحِبِهِ وَالْأَرْضُ الْبَيْضَاءُ لاَ شَيْءَ فِيهَا قَائِمًا إنَّمَا يَحْدُثُ فِيهَا شَيْءٌ بَعْدُ لَمْ يَكُنْ , وَقَدْ أَجَازَ الْمُسْلِمُونَ الْمُضَارَبَةَ فِي الْمَالِ يَدْفَعُهُ رَبُّهُ فَيَكُونُ لِلْمُضَارِبِ بَعْضُ الْفَضْلِ , وَالنَّخْلُ أَبْيَنُ وَأَقْرَبُ مِنْ الْأَمَانِ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَكُلٌّ قَدْ يُخْطِئُ وَيَقِلُّ وَيَكْثُرُ , وَلَمْ يُجِزْ الْمُسْلِمُونَ أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ إلَّا بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ , وَدَلَّتْ السُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ أَنَّ الْإِجَارَاتِ إنَّمَا هِيَ شَيْءٌ لَمْ يُعْلَمْ إنَّمَا هُوَ عَمَلٌ يَحْدُثُ لَمْ يَكُنْ حِينَ اسْتَأْجَرَهُ . قَالَ : , وَإِذَا سَاقَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ النَّخْلَ فَكَانَ فِيهِ بَيَاضٌ لاَ يُوصَلُ إلَى عَمَلِهِ إلَّا @

الصفحة 14