كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
وَإِنْ رَآهَا فَلَمْ يَأْخُذْهَا فَلَيْسَ بِضَامِنٍ لَهَا وَهَكَذَا إنْ دَفَعَهَا إلَى غَيْرِهِ فَضَاعَتْ أُضَمِّنُهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أُضَمِّنُ الْمُسْتَوْدَعَ وَأَطْرَحُ عَنْهُ الضَّمَانَ فِيمَا أَطْرَحُ عَنْ الْمُسْتَوْدَعِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِذَا حَلَّ الرَّجُلُ دَابَّةَ الرَّجُلِ فَوَقَفَتْ ثُمَّ مَضَتْ , أَوْ فَتَحَ قَفَصًا لِرَجُلٍ عَنْ طَائِرٍ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدُ لَمْ يَضْمَنْ ; لِأَنَّ الطَّائِرَ وَالدَّابَّةَ أَحْدَثَا الذَّهَابَ وَالذَّهَابُ غَيْرُ فِعْلِ الْحَالِّ وَالْفَاتِحِ وَهَكَذَا الْحَيَوَانُ كُلُّهُ وَمَا فِيهِ رُوحٌ وَلَهُ عَقْلٌ يَقِفُ فِيهِ بِنَفْسِهِ وَيَذْهَبُ بِنَفْسِهِ فَأَمَّا مَا لاَ عَقْلَ لَهُ , وَلاَ رُوحَ فِيهِ مِمَّا يَضْبِطُهُ الرِّبَاطُ مِثْلَ زِقِّ زَيْتٍ وَرَاوِيَةِ مَاءٍ فَحَلَّهَا الرَّجُلُ فَتَدَفَّقَ الزَّيْتُ فَهُوَ ضَامِنٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَلَّ الزَّيْتَ , وَهُوَ مُسْتَنِدٌ قَائِمٌ فَكَانَ الْحِلُّ لاَ يُدَفِّقُهُ فَثَبَتَ قَائِمًا ثُمَّ سَقَطَ بَعْدُ فَإِنْ طَرَحَهُ إنْسَانٌ فَطَارِحُهُ ضَامِنٌ لِمَا ذَهَبَ مِنْهُ , وَإِنْ لَمْ يَطْرَحْهُ إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْهُ الْحَالُّ الْأَوَّلُ ; لِأَنَّ الزَّيْتَ إنَّمَا ذَهَبَ بِالطَّرْحِ دُونَ الْحَلِّ وَأَنَّ الْحَلَّ قَدْ كَانَ , وَلاَ جِنَايَةَ فِيهِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلاَ جَعْلَ لِأَحَدٍ جَاءَ بِآبِقٍ , وَلاَ ضَالَّةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ جُعِلَ لَهُ فِيهِ فَيَكُونُ لَهُ مَا جُعِلَ لَهُ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَنْ يُعْرَفُ بِطَلَبِ الضَّوَالِّ وَمَنْ لاَ يُعْرَفُ بِهِ وَمَنْ قَالَ : لِأَجْنَبِيٍّ إنْ جِئْتَنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَكَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ثُمَّ قَالَ : لِآخَرَ إنْ جِئْتَنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا ثُمَّ جَاءَا بِهِ جَمِيعًا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ جَعْلِهِ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَ نِصْفَ مَا جُعِلَ عَلَيْهِ كُلُّهُ كَانَ صَاحِبُ الْعَشَرَةِ قَدْ سَمِعَ قَوْلَهُ لِصَاحِبِ الْعِشْرِينَ , أَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ , وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِثَلاَثَةٍ فَقَالَ لِأَحَدِهِمْ : إنْ جِئْتنِي بِهِ فَلَكَ كَذَا وَلِآخَرَ وَلِآخَرَ فَجَعَلَ أَجْعَالاً مُخْتَلِفَةً ثُمَّ جَاءُوا بِهِ جَمِيعًا فَلِكُلِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُ جَعْلِهِ .@
الصفحة 144