كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
أَشْهُرٍ وَعَشْرًا , وَقَدْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِالْعَجْزِ عَنْ إصَابَتِهَا . وَنُفَرِّقُ نَحْنُ بِالْعَجْزِ عَنْ نَفَقَتِهَا وَهَاتَانِ سَبَبَا ضَرَرٍ , وَالْمَفْقُودُ قَدْ يَكُونُ سَبَبَ ضَرَرٍ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ , فَعَابَ بَعْضُ الْمَشْرِقِيِّينَ الْقَضَاءَ فِي الْمَفْقُودِ , وَفِيهِ قَوْلُ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَمَا وَصَفْنَا مِمَّا يَقُولُونَ فِيهِ بِقَوْلِنَا وَيُخَالِفُونَا , وَقَالُوا : كَيْفَ يَقْضِي لِامْرَأَتِهِ بِأَنْ يَكُونَ مَيِّتًا بَعْدَ مُدَّةٍ , وَلَمْ يَأْتِ يَقِينُ مَوْتِهِ ؟ ثُمَّ دَخَلُوا فِي أَعْظَمَ مِمَّا عَابُوا خِلاَفَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ . وَجُمْلَةُ مَا عَابُوا , فَقَالُوا فِي الرَّجُلِ يَرْتَدُّ فِي ثَغْرٍ مِنْ ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ فَيَلْحَقُ بِمَسْلَحَةٍ مِنْ مَسَالِحِ الْمُشْرِكِينَ فَيَكُونُ قَائِمًا فِيهَا يَتَرَهَّبُ , أَوْ جَاءَ إلَيْنَا مُقَاتِلاً يُقَسَّمُ مِيرَاثُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ وَتُحَلُّ دُيُونُهُ وَيُعْتَقُ مُدَبَّرُوهُ وَأُمَّهَاتُ أَوْلاَدِهِ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمَوْتَى فِي جَمِيعِ أَمْرِهِ ثُمَّ يَعُودُ لِمَا حُكِمَ بِهِ عَلَيْهِ فَيَقُولُ فِيهِ قَوْلاً مُتَنَاقِضًا خَارِجًا كُلَّهُ مِنْ أَقَاوِيلِ النَّاسِ وَالْقِيَاسِ وَالْمَعْقُولِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَقَالَ : مَا وَصَفْت بَعْضَ مَنْ هُوَ أَعْلَمُهُمْ عِنْدَهُمْ , أَوْ كَأَعْلَمِهِمْ فَقُلْت لَهُ مَا وَصَفْت , وَقُلْت : لَهُ أَسْأَلُك عَنْ قَوْلِك , فَقَدْ زَعَمْت أَنَّ حَرَامًا أَنْ يَقُولَ أَحَدٌ أَبَدًا قَوْلاً لَيْسَ خَبَرًا لاَزِمًا , أَوْ قِيَاسًا أَقَوْلُكَ فِي أَنْ يُورَثَ الْمُرْتَدُّ , وَهُوَ حَيٌّ إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْكُفْرِ خَبَرًا , أَوْ قِيَاسًا ؟ فَقَالَ : أَمَّا خَبَرٌ فَلاَ , فَقُلْت : فَقِيَاسٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ مِنْ وَجْهٍ , قُلْت فَأَوْجِدْنَا ذَلِكَ الْوَجْهَ قَالَ : أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعِي فِي الدَّارِ وَكُنْتُ قَادِرًا عَلَيْهِ قَتَلْته ؟ فَقُلْت فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَادِرًا عَلَيْهِ فَتَقْتُلُهُ أَفَمَقْتُولٌ هُوَ أَمْ مَيِّتٌ بِلاَ قَتْلٍ ؟ قَالَ : لاَ قُلْت : فَكَيْفَ حَكَمْت عَلَيْهِ حُكْمَ الْمَوْتَى , وَهُوَ غَيْرُ مَيِّتٍ ؟ أَوَرَأَيْت لَوْ كَانَتْ عِلَّتُك@
الصفحة 154