كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)

رَجُلاً لَوْ أَمَرَ ابْنَهُ أَنْ يَنْتَسِبَ إلَى غَيْرِهِ , أَوْ يَنْتَفِيَ مِنْ نَسَبِهِ وَتَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَنْقَطِعْ أُبُوَّتُهُ عَنْهُ بِمَا أَثْبَتَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ ؟ أَوَلاَ تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ أَوْ يَنْتَفِي مِنْ وِلاَيَتِهِ وَرَضِيَ بِذَلِكَ الْمُعْتَقُ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ لِمَا أَثْبَتَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مِنْ النِّعْمَةِ ؟ فَلَمَّا كَانَ الْمَوْلَى فِي الْمَعْنَى الَّذِي فِيهِ النَّسَبُ ثَبَتَ الْوَلاَءُ بِمُتَقَدِّمِ الْمِنَّةِ كَمَا ثَبَتَ النَّسَبُ بِمُتَقَدِّمِ الْوِلاَدَةِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَبَدًا إلَّا بِسُنَّةٍ , أَوْ إجْمَاعٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَيْسَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي هَذَا الْمَعْنَى سُنَّةٌ , وَلاَ إجْمَاعٌ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَدْ حَضَرَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ الْحِجَازِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ فَكَلَّمَنِي رَجُلٌ مِنْ غَيْرِهِمْ بِأَنْ قَالَ إذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ فَلَهُ وَلاَؤُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلاَءُ نِعْمَةٍ وَلَهُ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ , وَلَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ بِوَلاَئِهِ مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ , فَإِذَا عَقَلَ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْهُ , وَقَالَ لِي فَمَا حُجَّتُك فِي تَرْكِ هَذَا ؟ قُلْت : خِلاَفُهُ مَا حَكَيْت مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : ? اُدْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ ? الآيَةَ. وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - { فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ } فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ بِمُتَقَدِّمِ الْوِلاَدِ كَمَا ثَبَتَ الْوَلاَءُ بِمُتَقَدِّمِ الْعِتْقِ , وَلَيْسَ كَذَلِكَ الَّذِي يُسْلِمُ عَلَى يَدَيْ الرَّجُلِ , فَكَانَ النَّسَبُ شَبِيهًا بِالْوَلاَءِ وَالْوَلاَءُ شَبِيهًا بِالنَّسَبِ , فَقَالَ لِي قَائِلٌ : إنَّمَا ذَهَبْت فِي هَذَا إلَى حَدِيثٍ رَوَاهُ ابْنُ مَوْهَبٍ عَنْ تَمِيمٍ@

الصفحة 163