كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
قُلْت : وَهَذَا لَوْ ثَبَتَ عَنْ عُمَرَ حُجَّةٌ عَلَيْك ; لِأَنَّك تُخَالِفُهُ , قَالَ : وَمِنْ أَيْنَ ؟ قُلْت : أَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّهُ لاَ يُوَالِي عَنْ الرَّجُلِ إلَّا نَفْسَهُ بَعْدَ أَنْ يَعْقِلَ , وَأَنَّ لَهُ إذَا وَالَى عَنْ نَفْسِهِ أَنْ يَنْتَقِلَ بِوَلاَئِهِ مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ , فَإِنْ زَعَمْت أَنَّ مُوَالاَةَ عُمَرَ عَنْهُ ; لِأَنَّهُ وَلِيُّهُ جَائِزَةٌ عَلَيْهِ , فَهَلْ لِوَصِيِّ الْيَتِيمِ أَنْ يُوَالِيَ عَنْهُ ؟ قَالَ : لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ , قُلْت : فَإِنْ زَعَمْت أَنَّ ذَلِكَ لِلْوَالِي دُونَ الْوَصِيِّ , فَهَلْ وَجَدْته يَجُوزُ لِلْوَالِي شَيْءٌ فِي الْيَتِيمِ لاَ يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ ؟ فَإِنْ زَعَمْت أَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ مِنْ عُمَرَ وَالْحُكْمُ لاَ يَجُوزُ عِنْدَك عَلَى أَحَدٍ إلَّا بِشَيْءٍ يُلْزِمُهُ نَفْسَهُ , أَوْ فِيمَا لاَ بُدَّ لَهُ مِنْهُ مِمَّا لاَ يُصْلِحُهُ غَيْرُهُ , وَلِلْيَتِيمِ بُدٌّ مِنْ الْوَلاَءِ . فَإِنْ قُلْت : هُوَ حُكْمٌ فَلاَ يَكُونُ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ بِهِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ إذَا عَقَدَ عَلَى نَفْسِهِ عَقْدًا مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ , وَلاَ يَكُونُ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ إنْ عَقَدَهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ ؟ . ( قَالَ ) فَإِنْ قُلْت : هُوَ أَعْلَمُ بِمَعْنَى حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , قُلْت : وَنُعَارِضُك بِمَا هُوَ أَثْبَتُ عَنْ مَيْمُونَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ هَذَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , قَالَ : وَمَا هُوَ ؟ قُلْت : وَهَبَتْ مَيْمُونَةُ , وَلاَءَ بَنِي يَسَارٍ لِابْنِ أُخْتِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَاتَّهَبَهُ , فَهَذِهِ زَوْجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَابْنُ عَبَّاسٍ وَهُمَا اثْنَانِ , قَالَ : فَلاَ يَكُونُ فِي أَحَدٍ , وَلَوْ كَانُوا عَدَدًا كَثِيرًا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حُجَّةٌ , قُلْنَا : فَكَيْفَ احْتَجَجْت بِأَحَدٍ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ؟ قَالَ : هَكَذَا يَقُولُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا , قُلْت : أَبَيْت أَنْ تَقْبَلَ هَذَا مِنْ غَيْرِك , فَقَالَ : مَنْ حَضَرَنَا مِنْ الْمَدَنِيِّينَ هَذِهِ حُجَّةٌ ثَابِتَةٌ , قَالَ فَأَنْتُمْ إنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَهَا ثَابِتَةً , فَقَدْ تُخَالِفُونَهَا فِي شَيْءٍ قَالُوا مَا نُخَالِفُهَا فِي شَيْءٍ , وَمَا نَزْعُمُ أَنَّ الْوَلاَءَ يَكُونُ إلَّا لِذِي نِعْمَةٍ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَقَالَ لِي قَائِلٌ أَعْتَقِدُ عَنْهُمْ جَوَابُهُمْ , فَأَزْعُمُ أَنَّ لِلسَّائِبَةِ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ , قُلْت : لاَ يَجُوزُ هَذَا إذَا كَانَ مَنْ احْتَجَجْنَا بِهِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْقِيَاسِ , إلَّا أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ خَبَرٌ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - , أَوْ أَمْرٌ أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَنُخْرِجُهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُعْتَقِينَ اتِّبَاعًا ,@
الصفحة 165