كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
نِتَاجُهَا فَكَانُوا يَمْنَعُونَهَا مِمَّا يَفْعَلُونَ بِغَيْرِهَا مِثْلَهَا , وَيُسَيِّبُونَ السَّائِبَةَ . فَيَقُولُونَ قَدْ أَعْتَقْنَاك سَائِبَةً وَلاَ وَلاَءَ لَنَا عَلَيْك , وَلاَ مِيرَاثَ يَرْجِعُ مِنْك لِيَكُونَ أَكْمَلَ لَتَبَرُّرِنَا فِيك . فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ? مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بِحِيرَةِ , وَلاَ سَائِبَةٍ , وَلاَ وَصِيلَةٍ , وَلاَ حَامٍ } الْآيَةُ فَرَدَّ اللَّهُ ثُمَّ رَسُولُهُ - صلى الله عليه وسلم - الْغَنَمَ إلَى مَالِكِهَا إذَا كَانَ الْعِتْقُ مَنْ لاَ يَقَعُ عَلَى غَيْرِ الْآدَمِيِّينَ , وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّهُ أَعْتَقَ بَعِيرَهُ لَمْ يُمْنَعْ بِالْعِتْقِ مِنْهُ إذَا حَكَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُرَدَّ إلَيْهِ ذَلِكَ وَيُبْطِلُ الشَّرْطَ فِيهِ . فَكَذَلِكَ أَبْطَلَ الشُّرُوطَ فِي السَّائِبَةِ وَرَدَّهُ إلَى , وَلاَءِ مَنْ أَعْتَقَهُ مَعَ الْجُمْلَةِ الَّتِي وَصَفْنَا لَك .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعَبْدَ الْعَزِيزِ أَخْبَرَاهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ فِي خِلاَفَتِهِ فِي سَائِبَةٍ مَاتَ أَنْ يَدْفَعَ مِيرَاثَهُ إلَى الَّذِي أَعْتَقَهُ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِنْ كَانَتْ الْكِفَايَةُ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْقِيَاسِ . فَقَالَ : فَمَا تَقُولُ فِي النَّصْرَانِيِّ يَعْتِقُ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ ؟ قُلْت : فَهُوَ حُرٌّ . قَالَ : فَلِمَنْ وَلاَؤُهُ ؟ قُلْت : لِلَّذِي أَعْتَقَهُ . قَالَ : فَمَا الْحُجَّةُ فِيهِ ؟ قُلْت : مَا وَصَفْت لَك إذْ كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَسَبَ كَافِرًا إلَى مُسْلِمٍ وَمُسْلِمًا إلَى كَافِرٍ وَالنَّسَبُ أَعْظَمُ مِنْ الْوَلاَءِ . قَالَ : النَّصْرَانِيُّ لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمَ , قُلْت : وَكَذَلِكَ الْأَبُ لاَ يَرِثُ ابْنَهُ إذَا اخْتَلَفَ أَدْيَانُهُمَا وَلَيْسَ مَنْعُهُ مِيرَاثَهُ بِاَلَّذِي قَطَعَ نَسَبَهُ مِنْهُ هُوَ ابْنُهُ بِحَالِهِ إذْ كَانَ ثَمَّ مُتَقَدِّمُ الْأُبُوَّةِ , وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ مَوْلاَهُ بِحَالِهِ إذْ كَانَ ثَمَّ مُتَقَدِّمُ الْعِتْقِ . قَالَ : وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُعْتَقُ ؟ قُلْت : يَرِثُهُ . قَالَ : فَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ ؟ قُلْت : فَإِنْ كَانَ لِلْمُعْتَقِ ذَوُو رَحِمٍ مُسْلِمُونَ فَيَرِثُونَهُ . قَالَ : وَمَا الْحُجَّةُ فِي هَذَا ؟ وَلِمَ إذًا دَفَعْت الَّذِي أَعْتَقَهُ عَنْ مِيرَاثِهِ تُوَرِّثُ بِهِ غَيْرَهُ إذْ لَمْ يَرِثْ هُوَ فَغَيْرُهُ أَوْلَى أَنْ لاَ يَرِثَ بِقَرَابَتِهِ @
الصفحة 170