كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
فَخَوَّلَهُمْ مِنْ أَمْوَالِ الْمُشْرِكِينَ إذَا قَدَرُوا عَلَيْهَا وَمِنْ كُلِّ مَالٍ لاَ مَالِكَ لَهُ يُعْرَفُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. مِثْلَ الْأَرْضِ الْمَوَاتِ فَلَمْ يُحَرِّمْ عَلَيْهِمْ أَنْ يُحْيُوهَا , فَلَمَّا كَانَ هَذَانِ الْمَالاَنِ لاَ مَالِكَ لَهُمَا يُعْرَفُ خَوَّلَهُمَا اللَّهُ أَهْلَ دَيْنِ اللَّهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ
الرَّدُّ فِي الْمَوَارِيثِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَمَنْ كَانَتْ لَهُ فَرِيضَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ سُنَّةِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ مَا جَاءَ عَنْ السَّلَفِ انْتَهَيْنَا بِهِ إلَى فَرِيضَتِهِ , فَإِنْ فَضَلَ مِنْ الْمَالِ شَيْءٌ لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْهِ , وَذَلِكَ أَنَّ عَلَيْنَا شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ لاَ نَنْقُصَهُ مِمَّا جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ , وَالْآخَرُ: أَنْ لاَ نَزِيدَهُ عَلَيْهِ وَالِانْتِهَاءُ إلَى حُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هَكَذَا وَقَالَ: بَعْضُ النَّاسِ نَرُدُّهُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِ مَنْ يَسْتَغْرِقُهُ وَكَانَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَأَنْ لاَ نَرُدَّهُ عَلَى زَوْجٍ , وَلاَ زَوْجَةٍ وَقَالُوا رَوَيْنَا قَوْلَنَا هَذَا عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْنَا: لَهُمْ أَنْتُمْ تَتْرُكُونَ مَا تَرْوُونَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي أَكْثَرِ الْفَرَائِضِ لِقَوْلِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَكَيْفَ لَمْ يَكُنْ هَذَا مِمَّا تَتْرُكُونَ؟ قَالُوا إنَّا سَمِعْنَا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ? وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} فَقُلْنَا مَعْنَاهَا عَلَى غَيْرِ مَا ذَهَبْتُمْ إلَيْهِ , وَلَوْ كَانَ عَلَى مَا ذَهَبْتُمْ إلَيْهِ كُنْتُمْ قَدْ تَرَكْتُمُوهُ قَالُوا فَمَا مَعْنَاهَا؟ قُلْنَا تَوَارَثَ النَّاسُ بِالْحِلْفِ وَالنُّصْرَةِ ثُمَّ تَوَارَثُوا بِالْإِسْلاَمِ وَالْهِجْرَةِ , ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ فَنَزَلَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ? وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} عَلَى مَعْنَى مَا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ وَسَنَّ رَسُولُهُ - صلى الله عليه وسلم - لاَ مُطْلَقًا هَكَذَا. أَلاَ تَرَى أَنَّ الزَّوْجَ يَرِثُ أَكْثَرَ مِمَّا يَرِثُ ذَوُو الْأَرْحَامِ , وَلاَ رَحِمَ لَهُ , أَوَلاَ تَرَى أَنَّ ابْنَ الْعَمِّ الْبَعِيدَ يَرِثُ الْمَالَ كُلَّهُ , وَلاَ يَرِثُهُ الْخَالُ وَالْخَالُ أَقْرَبُ رَحِمًا مِنْهُ فَإِنَّمَا مَعْنَاهَا عَلَى مَا وَصَفْت@
الصفحة 172